سلام يضع “بصمته الحكوميّة” والمعايير… ولا يستفز الداخل أو الخارج
الأحداث الأمنية جنوبا وتجدد الاعتداءات الإسرائيلية على الأهالي العائدين الى قراهم ليست وحدها اللغم الذي يكاد ينفجر بالعهد الجديد ويعرقل تأليف الحكومة فثمة تعقيدات في المشهد السياسي تحيط بعملية التأليف الحكومي الأمر الذي انعكس تأخيرا على ولادة الحكومة فلم تتحقق التوقعات بولادة سريعة لها وتتنوع الأسباب والتعقيدات لذلك، لكن المؤكد ان حكومة سلام يتداخل فيها العامل الامني والسياسي وهناك ايضا صراع الأحجام والأوزان بين الكتل النيابية والعرقلة التي يواجهها الرئيس المكلف باتت معروفة بالكامل.
فالحكومة الانتقالية للعهد الجديد التي يجهز لها سلام تواجه المحاصصة التقليدية والمسلمات المعتمدة سابقا في تشكيل الحكومات وهذا ما يضعها في خانة التصادم مع العديد من القوى السياسية فلا “رضى عليها ” حتى من ضمن الفريق السياسي الذي كان داعما وصول سلام فما تسرب عن موافقة الرئيس المكلف على إسناد وزارة المالية للثنائي الشيعي نقل الاعتراض الى داخل هذا الفريق واظهرت مواقف عدد من نواب المعارضة والتغييريين عدم رضاهم على المنحى الذي تذهب اليه الامور في عملية التأليف.
مع ذلك فان الرئيس المكلف يصر على تمسكه بمتلازمة المعايير وتأكيده ان لا “اسماء ولا حقائب نهائية” ولا يزال سلام يرفض اللوائح التي تعرض عليه من القوى السياسية ولا يمكن ان يقبل توزير اي اسم يستفز اي فريق سياسي ولا المجتمع الدولي الذي يتطلع الى دعم المسيرة الإصلاحية في لبنان وباختصار تقول المصادر ان سلام لا يريد افتعال إشكال مع الثنائي ولا يريد بالمقابل ان تفرض عليه الكتل التي سمته لرئاسة الحكومة شروطا تعجيزية.
ما يقوله النواب في معرض عدم ارتياحهم لمسار التشكيل ان الواقع السياسي بات مختلفا ووجب ترجمة المتغيرات في “حكومة مستقلة” لا تخضع للبازارات وتواكب العهد والمرحلة المقبلة وتجري الإصلاحات الضرورية من دون الخضوع للابتزاز من اي طرف.
مجلس النواب ينتخب جوزف عون رئيسا بخلاصة وفاقيّة ممهورة بـ 99 صوتاً عون في خطاب العهد: تأكيد حق الدولة في احتكار حمل السلاح… ومناقشة سياسة دفاعيّة متكاملة أتعهّد بإعادة إعمار ما دمّرته “إسرائيل”…التدخل في القضاء ممنوع… ولا حصانات لمجرم أو فاسد
من هذا المنطلق تؤكد مصادر سياسية ان تناغم الرئيس المكلف مع مطالب القوى السياسية والتكتلات لا يعني الرضوخ لمطالبها فالثقة كاملة بالرئيس المكلف الذي يمثل نهجا مختلفا ولا يمكن ان يرضخ للضغوط والمحاصصة التي سادت في المرحلة الماضية لكن ذلك لا ينفي كما تقول مصادرهم ان التأليف يتعرض للضغوط وتوضع عراقيل في طريقه وهذا ما أخر ولادة الحكومة التي كان يفترض ان تبصر النور نهاية الاسبوع الماضي.
على الرغم من ان سلام عاد الى معاييره السابقة التي حددها بداية التكليف الا ان هناك توجسا في قدرته على اختراق وتخطي مطالب المنظومة السياسية فالثنائي الشيعي لن يقبل التنازل عن وزارة المال والكتل المسيحية “تتناتش” الحصص تحت عنوان الشعبية والتمثيل المسيحي مع انزعاج التكتلين المسيحيتين من الحصة الموسعهة للعهد من الحقائب السيادية ويجري حاليا احتواء الأعتراض السني الذي برز لتمثيل الشمال مما يزيد الأمور تعقيدا والتباسا، والمأخذ الأساسي على الرئيس المكلف هو مسايرة الثنائي والوقوف على خاطره في عملية التأليف الامر الذي يفترض مراعاة الآخرين وهذا ما دفع الرئيس المكلف لنفي التهمة عنه وتأكيده على المعايير السابقة ذاتها وفي كل اطلالاته يحرص سلام ان يقول انه صاحب الكلمة الأولى في تشكيل الحكومة وان له بصمة خاصة به وليس صندوق بريد ترسل عبره الرسائل وان كان يراعي الخصوصية الوطنية ويحافظ على التفاهمات مع القوى السياسية ولا يرغب بإقصاء أحد فالمهم انجاز حكومة لا تخضع لأحد وتتناغم مع بعضها لتأمين الإصلاح فلا تشكل الخلافات عقبة امام عملها ولذلك ترى مصادر سياسية ان الامور لا تزال مضبوطة رفم السقف العالي من التشنجات التي ترافق التأليف فالإتصالات قائمة مع الكتل النيابية والتيارات وثمة تفاهم مبدئي حصل مع الثنائي الشيعي واجتماعات مستمرة مع الاحزاب المسيحية وخطوط مع النواب السنة لاستيعاب حردهم الأخير.
ابتسام شديد- الديار