جنبلاط حرًّا في دمشق والأسد لاجئاً في موسكو
لم ينتظر الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بعض الوقت حتى تنتظم أمور السلطة السياسية الجديدة في سوريا، بعد اطاحة تحالف فصائل الثورة السورية بنظام البعث السوري، وحلفائه الإيرانيين والروس المفاجئ وبسرعة قياسية، وهروب الرئيس بشار الاسد المذّل إلى روسيا، ولم ينتظر المسؤولين اللبنانيين للتواصل مع الحكومة السورية الانتقالية، حتى استعجل زيارة العاصمة السورية على رأس وفد سياسي وديني كبير يتقدمه شيخ عقل الطائفة سامي ابو المنى، مهنئاً زعيم الثوار احمد الشرع في قصر المهاجرين، حيث كانت لقاءات واستقبالات الاسد مع زواره قبلها بايام معدودة.
مآسي ومرارة العقود الخمسة الماضية، وقساوة العلاقة مع الاسد الاب والابن، مرت في ذاكرة جنبلاط منذ وطأت اقدامه القصر، مجازر حماة التي ارتكبها الاسد الاب وشقيقه، اغتيال والده كمال جنبلاط في المقدمة، زيارته لحافظ الاسد بعدها، عاضاً على الجرح ومكرهاً، الى ظروف الاجتياح الاسرائيلي لبيروت، ومغادرة ابو عمار إلى تونس، عن طريق البحر وليس عبر سوريا، وبعدها مسلسل الاقتتال الداخلي المشؤوم، بكل مآسيه والامه، ظروف ولادة اتفاق الطائف والانتخابات الرئاسية، وتولي بشار الاسد الرئاسة بعد وفاة والده، وانحيازه العدائي لرفيق الحريري ووليد جنبلاط، بتحريض من زمرة الأيادي السود اللبنانية، الى محاولة اغتيال رفيق دربه مروان حماده، وبعدها اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ورموز ثورة الارز، انسحاب الجيش السوري من لبنان قسرا بعدها وصولا إلى ظروف نشوب الثورة السورية وحرب الابادة التي شنها الاسد الابن على ابناء وطنه، بكل الاسلحة الكيماوية والبراميل المتفجرة، مستعينا بحلفائه الروس والايرانيين للبقاء في السلطة على حساب دماء الشعب السوري.
الزيارة، التي ارادها لاحتضان الطاقم السياسي السوري الجديد وتأييده، وتحديد الخطوط العريضة للعلاقات اللبنانية السورية، التي يراها من وجهة نظره بمثابة طي صفحة الماضي، بكل سلبياتها واثارها التدميرية على البلدين، والتاسيس لمرحلة جديدة أكثر استقرارا واحتراما لسيادة واستقلال سوريا ولبنان، وفائدة الشعبين معا، لم تغب عنها الرسائل إلى الداخل اللبناني، بأن مرحلة استقواء حزب لله وحلفائه ببشار الاسد انتهت إلى غير رجعة، وانه على المسؤولين اللبنانيين التواصل مع الإدارة السياسية السورية الجديدة، للتأسيس لعلاقة سوية بين البلدين بمعزل عن اعتراض حلفاء النظام السابقين.
وزيارة جنبلاط اظهرت ان التخويف من نظام اصولي متشدد على انقاض نظام البعث الهالك، يهدد الاقليات والدروز منهم، ليس صحيحا والادلة في الخطاب الجامع لزعيم الثوار أحمد الشرع، وتاكيده على احترام كل مكونات الشعب السوري، كما على وحدة سوريا، بينما الواضح من ترويج مثل هذه الاخبار إثارة الفتنة الطائفية والمذهبية من بقايا مؤيدي الاسد وإسرائيل واعداء الإدارة السياسية السورية الجديدة،بالتزامن مع دعوات البعض منهم للانفصال والانضمام الى إسرائيل بعد توغل قوات الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة المنزوعة السلاح في الجولان السوري المحتل، وهي دعوات مرفوضة بالكامل.
وظهرت زيارة جنبلاط لتهنئة زعيم الثوار أحمد الشرع، بمثابة تصفية حسابات مع الاسد الاب والابن معا على مدى خمسين عاما، والمفارقة فيها ان جنبلاط دخل قصر المهاجرين حراً، باستقبل حافل على السجادة الحمراء، فيما خصمه اللدود بشار الاسد يقبع لاجئاً في موسكو، بسجن ارادي، ومصيره مجهول.
معروف الداعوق- اللواء