مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد… من سيكون بيضة قبّان الجلسة؟
تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد تشهد لقاءً بين النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. أمّا “الحزب”، الصامت الأكبر، فيُفترض أن يصدر عن كتلته النيابية اليوم موقفٌ يعطي مؤشّراً إلى خياره الرئاسي. مع العلم أنّ نائب رئيس المجلس السياسي لـ”الحزب” محمود قماطي جزم بأنّ موقف الثنائي الشيعي “سيكون موحّداً في جلسة الانتخاب”.
يتفاعَل خطاب النائب السابق سليمان فرنجية في الكواليس السياسية، وتعترف المصادر بأنّه “كان حمّال أوجه وغير واضح، لكنّه أبقى أكثر من بابٍ مفتوح. وأهمّيّته في ما لم يقُله فرنجية لجهة عدم ملاقاته وليد جنبلاط في تأييد ترشيح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية، على الرغم من أنّ فرنجية، وإن لم يقُلها، سلّم بأنّ ترشيحه سقط نهائياً”.
عمليّاً، مَنَح فرنجية الثنائي الشيعي وقتاً إضافياً للتلطّي خلف ترشيحٍ لم يعد مُمكِناً تسويقه، وهذا ما عكسته التصريحات المُتكرّرة لبعض قيادات ونوّاب “الحزب” بأنّ “مرشّحنا هو فرنجية إلى أن يُعلِن عكس ذلك”.
بيضة قبّان الجلسة
باختصارٍ، تَكمن العِقد الرئاسية في موقف الثنائي الشيعي، الحركة و”الحزب”، و”الثنائي الماروني”، التيّار والقوّات، والبلوك السنّيّ الموزّع على أكثر من كتلة ومحور.
يَكمن الحراك الأبرز راهناً في الملعب السنّي الذي تتّجه إليه الأنظار، والمفترض أن يتبلور توجّهه قبل جلسة 9 كانون الثاني، بعكس الثنائي الشيعي المُعارِض لانتخاب قائد الجيش والذي لن يرفع ورقة أيّ مرشّح قبل الجلسة، وأيضاً الثنائي الماروني المُعارِض بدوره لوصول العماد جوزف عون، لكنّ جبران باسيل بالعلن، وسمير جعجع بالسرّ.
ثمّة في هذا السياق من يؤكّد أنّ بلوكاً من النواب السنّة والوسطيين والمستقلّين يمكن أن يُشكّل بيضة قبّان في جلسة الانتخاب. الحراك السنّي نشط جدّاً، وأبرز ما فيه أخيراً “خروج” كتلة التوافق الوطني (فيصل كرامي، حسن مراد، طه ناجي، محمد يحيى وعدنان طرابلسي) من المحور الداعم لفرنجيّة، واستطراداً “الانقلاب” على “الثنائي الشيعي”.
تبلور هذا التوجّه من خلال البيان الذي أصدره “التكتّل”، متمنّياً على “الأصدقاء أن لا يختاروا أو يقرّروا عن كتلة تتألّف من خمسة نوّاب سنّة، مع أيّ جهة أو ضدّ أي جهة ستتموضع في جلسة 9 كانون الثاني”، مشيراً إلى أنّ “أيّ كلام حول احتساب هؤلاء النوّاب ضمن الـ 51 صوتاً التي حصل عليها فرنجية كلام غير صحيح”.
كرامي: أبلغني فرنجيّة انسحابه
يقول النائب فيصل كرامي لـ “أساس”: “لا نفهم لماذا فوجئ البعض بموقفنا. ابن آل كرامي لم يكن يوماً تحت عباءة أيّ أحد. نحن شركاء وحلفاء، وتمّ التعاطي معي دوماً بهذه الصفة وليس كتابع. خلال الحرب نصطفّ جميعاً مع المقاومة بوجه إسرائيل”، مذكّراً بأنّه “عام 2016 التزمت بتبنّي ترشيح فرنجية ولم أكن يومها نائباً، فيما هم ذهبوا بخيار انتخاب ميشال عون. وبقيت ملتزماً مع فرنجية إلى أن أبلغني صراحة انسحابه من السباق الرئاسي. عندها فقط بدأنا كتكتّل بعقد لقاءات مع المرشّحين المحتملين للرئاسة”.
يشير كرامي إلى أنّ “فرنجية نفسه قال إنّه يمكن أن يصوّت لشخص وحلفاؤه لشخص آخر، فلماذا يُقبَل هذا الكلام من فرنجية ولا يقبَل منّي. حتى في الانتخابات عام 2016، الرئيس نبيه بري لم يصوّت لعون و”الحزب” دَعَمه”.
يضيف كرامي: “هناك فريق في البلد يستطيع أن يكون صمام الأمان ويوحّد اللبنانيين. تاريخياً هو الفريق السنّي المؤمِن بالمؤسّسات والدولة. لذلك نحن نجتمع مع بعضنا راهناً لكي نُسهِم بوصولِ رئيس أوّل صفة يجب أن تتوافر فيه القدرة على أن يرأس حواراً جامعاً، ويلتزم النصّ الحرفيّ لاتّفاق الطائف، فيما نلمس اليوم وجود فريقين يحاولان تحصيل حصص ومكاسب في العهد المقبل”، مؤكّداً أنّنا “دخلنا منعطفاً جديداً بحكم المتغيّرات التاريخية، ونحن تحت الضوء”، مشيراً إلى أنّ “السعوديّ بالأساس وَضَعَ menu، فلا مال واستثمارات من دون إصلاحات”.
مشاورات سنّيّة… ولا مرشّح
وفق المعلومات، ثمّة اتّصالات يومية تحصل بين تكتّل التوافق الوطني وتكتّل الاعتدال المؤلّف من أحمد الخير، وليد البعريني، محمد سليمان، سجيع عطيّة، عبدالعزيز الصمد وأحمد رستم. كما يحصل تواصل بين “تكتّل التوافق” والنوّاب فؤاد مخزومي ونبيل بدر وكريم كبّارة وعبدالرحمن البزري، وستتوسّع لتشمل “اللقاء النيابي التشاوري المستقلّ” المؤلّف من آلان عون، إبراهيم كنعان، سيمون أبي رميا والياس بوصعب، ومجموعة من النوّاب المستقلّين أو من المعارضة.
بين عون والبيسري
يوضح كرامي: “التقينا قائد الجيش وفَهِمنا منه ما يريح بأنّه “مش جايي ينتقم”، ويعرف تماماً حساسية الوضع جنوباً والبيئة الحاضنة حيث سيفتح صفحة التعاون، إضافة إلى التزامه تطبيق الدستور. لكن في الوقت نفسه الحوار ضروري، ومن يكون في هذا الموقع يجب أن يوسّع صدره لا أن يكون عسكريّاً. كما أنّ الطائف مبنيّ على روح التعاون. وأيّ رئيس “مش عارف إنّو لازم يتعاون مع رئيس الحكومة فالعوض بسلامة البلد”.
يجزم كرامي بأنّ ما سمعه من مواصفات مريحة من جانب قائد الجيش “تنطبق للأمانة أيضاً على المدير العامّ للأمن العامّ اللواء الياس البيسري الذي بدا رجلاً محترماً جدّاً، ومنفتحاً، ورجل حوار يدوّر الزوايا، ويلمّ بالتوازنات اللبنانية. اطّلعنا أيضاً على البرنامج الرئاسي للنائب نعمة إفرام، وهو مرشّح ببروفيل جيّد”.
عمليّاً، يضيف كرامي، “باتت الأسماء محدودة بين قائد الجيش، والياس البيسري، ونعمة إفرام، وسمير عسّاف، وزياد بارود، مع بروز اسم جهاد أزعور مجدّداً”.
يُذكر أنّ النوّاب السنّة الـ 27 في مجلس النوّاب يتوزّعون على كتلة الاعتدال الوطني، التوافق الوطني، لبنان الجديد، كتلة التجدّد، ونواب آخرين ينتمون إلى كتل “الحزب” وحركة أمل واللقاء الديمقراطي، ومستقلّين.
لم يُفصح حتى الآن أيّ من هذه الكتل والنوّاب عن مرشّحهم الرئاسي، فيما تؤكّد المعطيات أنّ جزءاً منهم يحاول تشكيل مجموعة نيابية بالتنسيق مع نواب مستقلّين وفي المعارضة لإنشاء كتلة وازنة تسمح للرئيس العتيد بتجاوز عتبة الـ 86 صوتاً.
ملاك عقيل- اساس