ارتفاع جنوني بأسعار الزيت… وصل الى 180 دولاراً!

لم يكن موسم قطاف الزيتون انطلق عندما اضطر أبناء الجنوب لمغادرة منازلهم في 23 أيلول الماضي، عقب توسع الحرب الإسرائيلية على لبنان. خلال أيام الحرب شعر النازحون أن الموسم قد انتهى. فالشتاء انهمر أكثر من مرة، والحقول ممنوعة عليهم بسبب الحرب. توقفت الحرب نهار الأربعاء في 27 تشرين الثاني، فكانت أشجار الزيتون المحطة الأولى لكثير من الجنوبيين.

جودة متدنية
خلال أيام الحرب تمكّن البعض من قطف الموسم، خصوصاً في عدد من قرى الجنوب التي تقع بعيداً عن الحدود. لكن بعد عودة النازحين لاستئناف القطاف، كان المحصول بمعظمه متضرراً. ويقول إبراهيم حجازي إبن إقليم التفاح: “عدت إلى منزلي وعاينت الأضرار. لكن الأولوية كانت للزيتون. توجهت إلى الحقل ووجدت أن المحصول بنسبة كبيرة قد سقط عن الأشجار وافترش الأرض. ضاع المحصول كون الحبوب الموجودة على الأرض قد يبُست وفي حال عصرها فإن إنتاجها سيكون محدوداً وبجودة متدنية للغاية”.

موسم الزيتون يكون عادة وفيراً مرّة كل عامين، وهذا مرتبط بطبيعة شجرة الزينون. العام الماضي كان الموسم عادياً، بينما هذا العام كان المحصول وفيراً. لكن لم يتمكن الجنوبيون من الاستفادة منه كما يقول المزارع عباس الزين. ويشرح أنه اعتاد في الموسم الجيد انتاج حوالي 50 صفيحة زيت، وبعد بيعها يتمكن من تسديد المستحقات الأساسية عليه كأقساط المدارس لأبنائه الثلاثة. ولكنه هذا العام، وبعد عودته من رحلة النزوح لم يتمكن من الاستفادة سوى بربع الموسم. ولفت إلى “أن الزيتون شرّب من مياه الأمطار ما يزيد عن حاجته. وهذا يؤدي إلى انتاج زيت بكميات لا بأس بها، لكن بجودة متدنية، غير تلك المشهور بها زيتنا”.

“لم يصمد الزيتون على أمه”، تقول فاطمة شريم، وما بقي منه نقطفه اليوم من أجل الحصول على كمية للرصّ. فالخسارة وقعت ولا داعي لأن تكون مطلقة بحال كان يمكن إنقاذ القليل. ولكن عند البعض صمد الزيتون ويتم قطفه تدريجياً.

قلق من آثار القصف
“الخسارة وقعت منذ خروجنا من منازلنا وسقوط الصواريخ على حقولنا”، يقول أحمد عبّاس إبن مدينة النبطية. ويضيف: “نخشى قطاف ما تبقى من الزيتون بسبب غبار بارود الصواريخ والقنابل، وما تحمله من مواد مسرطنة وخطرة على الصحة. ولا داعي للمخاطرة من أجل بضعة صفائح من زيت الزيتون.

بخلاف رأي عباس، يؤكد رئيس مصلحة الزراعة بالنبطية بوزارة الزراعة حسين السقا أن التجارب السابقة خلال الحروب أكدت أن غبار الصواريخ والغارات لا يؤثر على الفواكه والأشجار وبطبيعة الحال لا يؤثر على الزيتون، فالحبوب تُغسل قبل عصرها، وهذا كفيل بتنظيفها.

أما بما يتعلق بالقنابل الفوسفورية التي استخدمها الجيش الإسرائيلي في بعض المناطق، فيُشير السقا في حديث لـ”المدن” إلى أن الأمر متعلق بإجراء الفحوص اللازمة. فهناك وجهتي نظر في هذا الموضوع، إنما بحسب “تجربتنا السابقة لم يكن الضرر موجوداً، لأن الفوسفور لم يُرم بتركيز عال على نقاط محددة، وبطبيعة الحال فإنه يتفاعل مع الماء والهواء”.

بالنسبة إلى موسم الزيتون، يؤكد السقا، أن لبنان خسر الموسم في الجنوب. ويقول: “هناك ضرر بنيوي يتعلق بالتدمير الذي لحق ببساتين الزيتون من خلال الحرق أو الجرف، وهذا نسبته حوالي 40 بالمئة في القرى الحدودية. ويصل إلى حدود 3 بالمئة في قرى الجنوب شمال نهر الليطاني. وهناك ضرر إنتاجي يتعلق بمحصول الزيت. والخسارة في الجنوب تصل إلى حدود الـ 90 بالمئة. والزيتون الذي يُقطف اليوم يُنتج زيتاً يسمى “بالزيت الوقّاد”، وهو يُستعمل لإنتاج الصابون بالدرجة الأولى لأن جودته منخفضة”.

في مقابل هذه الخسارات، يؤكد السقا أن طبيعة شجر الزيتون هي طبيعة مقاومة، وما دُمّر يمكن إعادة زراعته، فاليوم يمكن زراعة 45 شجرة زيتون في “الدونم” الواحد، وهناك أنواع جديدة قادرة على بدء الإنتاج بعد ثلاث سنوات من زراعتها.

خسارة لبنان هذا الموسم انعكس بازدياد الطلب على شراء زيت الزيتون. بمعنى آخر، الطلب كبير والعرض قليل. وبالتالي ارتفع سعر صفيحة زيت الزيتون المصنف باب أول، هذا العام، إلى حوالي الـ 180 دولاراً. وثمة أصناف تُباع بـ 150 دولاراً، ما يعني أن نسبة زيادة الأسعار عن العام المنصرم ناهزت الخمسين بالمئة.

وليد حسين- المدن

مقالات ذات صلة