مخاوف من تغيير المشهد البرلماني: الاغتيالات تلاحق الوسطيين والمعارضين!

يبقى الوضع اللبناني داخل العناية المشددة، ولا أحد يعرف متى تنفجر الهدنة بين إسرائيل و”حزب الله”. وإذا كانت واشنطن تضغط لتمرير فترة الستين يوماً بسلاسة، إلا أن عوامل انهيار اتفاق وقف إطلاق النار لا تزال قائمة ولا يوجد أي معطى يبشّر بالخير.

يتبدّل المشهد في المنطقة بصورة قياسية فما كادت أن تهدأ في لبنان رغم الخروقات، حتى انفجرت في سوريا بشكل دراماتيكي، وتصدّر انهيار النظام السوري والميليشيات الإيرانية وتقدّم المعارضة السورية، المشهد الإقليمي بشكل كبير.

يمكن ربط أحداث لبنان وسوريا ببعضهما البعض، وكلاهما يصبان في اتجاه واحد، إضعاف النفوذ الإيراني و”قصقصة” أجنحة طهران في المنطقة والتي تحاول التحرك سريعاً لمنع الانهيارات في محور الممانعة خصوصاً بعد إخراج “حزب الله” عن الخدمة، وانشغاله بجبهة لبنان وتسديد ضربات موجعة لبنيته العسكرية والأمنية.

لا يمكن فصل الوضع اللبناني عن أوضاع المنطقة، أمنياً وعلى جبهة الجنوب، قد تعود الحرب في أي لحظة، أما في السياسة، فلم تتشكّل مظلة لتحمي لبنان وتستوعب استحقاق ما بعد الضربة الإسرائيلية، وحتى تاريخ الجلسة النيابية التي حددها رئيس مجلس النواب نبيه بري في التاسع من كانون الثاني المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية، فهذا التاريخ قد لا يكون موعداً نهائياً للعملية الانتخابية لأن سلوك “الثنائي الشيعي” لا يزال على حاله وسط تأكيده التمسك بترشيح رئيس تيار “المرده” سليمان فرنجية.

وسط حالة الترقب هذه، قد تحصل تغيرات جذرية في المشهدين اللبناني والإقليمي، مع ظهور معطيات جدية مثيرة للقلق داخلياً، من اعتداء “حزب الله” على الصحافيين والإعلاميين مثل الزملاء في قناة “العربية” و “الحدث” جوني فخري وغنوة يتيم والفريق المرافق والاعتداء على الزميل داوود رمال وتهديد مؤسسات إعلامية، إلى محاولة “الحزب” إظهار فائض القوة .

يرتفع منسوب الخطورة حسب معلومات “نداء الوطن” بعد تنبيهات جديّة وصلت إلى النواب في المعارضة السيادية والوسطيين، عبر سفراء عرب وأكدها سفراء أجانب، مبنية على تقارير ومعلومات استخباراتية، تفيد بأن إيران قد تقدم على خطوات في الداخل اللبناني بعد حشرها في الإقليم ولقلب المعادلة بعد خسارة “حزب الله” الحرب وقد تلجأ إلى اغتيال قادة رأي وإعلاميين ونواب للإبقاء على السطوة الداخلية.

والملفت أن التحذيرات لم تقتصر على نواب المعارضة السيادية الذين يجاهرون برفض سياسات إيران و”حزب الله”، بل شملت المستقلين والوسطيين، فالخطر حسب المعطيات يلاحق جميع النواب الذين لا تصبّ أصواتهم في مصلحة ما تريده إيران، ولا يسلم منها نواب “التيار الوطني الحرّ” في حال بقائهم على موقفهم. وجميعهم معرّضون للخطر لقلب المعادلة الداخلية.

وبحسب من نقل التحذيرات، يقع الاختيار على النواب لسهولة الوصول إليهم لأنهم يتنقلون داخل مناطقهم، ويؤدي اغتيالهم إلى اختلال في الأغلبية النيابية خصوصاً في معركة رئاسة الجمهورية، إذا ما اختار محور “الممانعة” الذهاب إلى المواجهة حتى النهاية ولم يقبل بالتخلي عن مرشحه ويحاول فرضه بالقوة لإظهار أن التوازنات الداخلية والإقليمية لم تتغير.

والتجارب في هذا السياق لا تشجع، فقد تم اغتيال الوزير بيار الجميل عشية “استقلال 2006″ لتطيير حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، و اغتيال النواب جبران تويني وأنطوان غانم ووليد عيدو لقلب أكثرية ” 14 آذار” بعد انتخابات 2005 ولإخافة المعارضة وعدم السماح للقوى السيادية باستعادة استقلال البلد.

يقف لبنان اليوم أمام معركة مصيرية، الانتخابات الرئاسية ستكون عنوان التغيير في المرحلة المقبلة وإيران لن تُسلّم بخسارة نفوذها في لبنان، لذلك يبقى منسوب الخوف مرتفعاً لأن من اعتاد على الاغتيال والدم لقلب المعادلات السياسية لن يُغيّر أسلوبه، والأكثرية البرلمانية قد تكون الهدف المقبل خصوصاً بعد ارتفاع منسوب الضغط على رأس “الممانعة” في لبنان وسوريا والمنطقة.

الان سركيس- نداء الوطن

مقالات ذات صلة