ما يجب معرفته عن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و”الحزب”: لماذا وافقت الأطراف عليه؟؟
وفقاً للاتفاق، ستنسحب إسرائيل تدريجاً من لبنان خلال الـ60 يوماً المقبلة، ولن يعزّز «حزب الله» وجوده بالقرب من الحدود الإسرائيلية.
دخل وقف إطلاق النار، الذي يهدف إلى إنهاء أدمى حرب منذ عقود بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني، حيّز التنفيذ رسمياً صباح أمس الأربعاء، بعد أقل من يوم على إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن عن الاتفاق وموافقة إسرائيل على شروطه.
بدأ آلاف اللبنانيّين بالعودة إلى منازلهم في الساعات الأولى من وقف إطلاق النار. وقد أودى القتال بحياة الآلاف في لبنان وحوالي 100 مدني وجندي إسرائيلي. كما تسبّب الصراع في نزوح حوالي مليون شخص في لبنان و60,000 شخص في إسرائيل، بالإضافة إلى أضرار مادية جسيمة في لبنان.
وافقت الحكومة اللبنانية صباح الأربعاء على الاتفاق. ودافع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن الاتفاق مساء الثلاثاء، قائلاً إنّ الهدنة ستسمح لإسرائيل بإعادة بناء مخزونها من الأسلحة بينما تعمل على عزل «حماس»، حليف «حزب الله» الذي تخوض إسرائيل حرباً ضدّه في غزة.
هدنة لمدة 60 يوماً
ينص الاتفاق، الذي توسط فيه ديبلوماسيّون أميركيّون وفرنسيّون، على التزام إسرائيل و«حزب الله» بهدنة مدتها 60 يوماً.
خلال هذه الفترة، ستنسحب إسرائيل تدريجاً من جنوب لبنان. وسينتقل مقاتلو «حزب الله» إلى الشمال بعيداً من الحدود الإسرائيلية، بينما سيرسل الجيش اللبناني المزيد من القوات إلى جنوب لبنان.
ستؤدّي هذه الانسحابات فعلياً إلى إنشاء منطقة عازلة بين إسرائيل و»حزب الله» في جنوب لبنان، على طول الحدود الإسرائيلية.
إذا استمرّت الهدنة طوال فترة الستين يوماً، يأمل المفاوضون أن يصبح الاتفاق دائماً.
كيف سيُطبّق الاتفاق؟
وفقاً لشروط الاتفاق، ستتولّى قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة، إلى جانب الجيش اللبناني، مهمّة الحفاظ على السلام في المنطقة الحدودية، كما هو منصوص عليه في قرار مجلس الأمن الدولي الصادر عام 2006، والذي أنهى الحرب السابقة بين إسرائيل و«حزب الله»، لكنّه لم يُنفّذ بالكامل.
ستتمّ مراقبة وقف إطلاق النار من قِبل دول عدة، بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا، بالإضافة إلى الأمم المتحدة.
وصرّح نتنياهو بأنّ إسرائيل تحتفظ بحق اتخاذ إجراءات عسكرية إضافية إذا فشل الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة في إبقاء «حزب الله» خارج المنطقة الحدودية.
ما هي العقبات أمام التوصل إلى اتفاق دائم؟
فشل اتفاق عام 2006، المعروف بالقرار 1701، يلقي بظلاله على الاتفاق الجديد. فكما هو الحال مع وقف إطلاق النار الحالي، اعتمد القرار 1701 على الجيش اللبناني، الذي لم يكن في وضع يسمح له بالسيطرة على «حزب الله»، وعلى قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، التي لم تُمنح صلاحيات لمواجهة «حزب الله» عسكرياً.
يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه القضايا ستتمّ معالجتها بشكل كافٍ في إطار الاتفاق الجديد.
لطالما تبادلت إسرائيل و«حزب الله»، الذي يُعدّ أيضاً حزباً سياسياً ذا نفوذ كبير، الاتهامات بانتهاك شروط القرار 1701، الذي دعا الحزب إلى البقاء شمال نهر الليطاني الذي يمتد بشكل موازٍ تقريباً للحدود مع إسرائيل. وذكر «حزب الله» أنّه بقيَ جنوب النهر لأنّ إسرائيل لم تلتزم بسحب قواتها بالكامل من لبنان.
استند «حزب الله» إلى وجود إسرائيل في منطقة زراعية يدّعي لبنان سيادته عليها وتُعرف بمزارع شبعا، والتي تعتبرها إسرائيل جزءاً من مرتفعات الجولان التي استولت عليها من سوريا في حرب عام 1967.
وقف إطلاق النار هو اتفاق بين إسرائيل ولبنان والدول الوسيطة، بما في ذلك الولايات المتحدة، لكنّه لا يشمل «حزب الله» رسمياً، إذ تصنّفه الولايات المتحدة كجماعة إرهابية. ويقوم نائب لبناني رفيع المستوى بدور الوسيط مع «حزب الله»، لكنّ الجماعة ليست طرفاً رسمياً في الاتفاق.
لماذا وافقت الأطراف على وقف القتال؟
كلٌ من إسرائيل و»حزب الله» منهكان من الحرب ويتطلّعان إلى إيجاد نهاية مرضية للقتال. فقد قتلت إسرائيل العديد من قادة «حزب الله» ومقاتليه، ودمّرت الكثير من ترسانته من الصواريخ. كما شكّك المسؤولون والمحلّلون الإسرائيليّون في قدرة البلاد على مواصلة الحرب في لبنان بينما تخوض معارك في غزة.
وحثّت إيران، الحليف الرئيسي والداعم لـ»حزب الله»، الجماعة على قبول وقف إطلاق النار في وقت سابق من الشهر الجاري.
وأشار الأمين العام الجديد لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، في مقطع فيديو الأسبوع الماضي إلى أنّ الجماعة ستوافق على وقف إطلاق النار إذا أنهت إسرائيل هجماتها على لبنان وحافظ لبنان على سيادته.
كيف وصلنا إلى هذه النقطة؟
تعود جذور الصراع إلى أجيال مضت. فقد غزت إسرائيل لبنان في عام 1978 ومرّة أخرى في عام 1982 لمواجهة منظمة التحرير الفلسطينية التي شنّت هجمات من لبنان.
انسحبت منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان في عام 1982، لكنّ «حزب الله» تأسس في العام عينه بدعم إيراني خصيصاً لمحاربة إسرائيل. واحتلّت القوات الإسرائيلية جنوب لبنان من 1982 إلى 2000، ثم غزت مجدّداً في عام 2006 رداً على هجمات عبر الحدود لإبعاد «حزب الله». بدأت جولة القتال الأخيرة بعد هجمات 7 تشرين الأول 2023 التي قادتها «حماس»، وأسفرت عن مقتل حوالي 1,200 شخص في إسرائيل وأشعلت حرباً مدمّرة في قطاع غزة.
في اليوم التالي، بدأ مقاتلو «حزب الله» بإطلاق صواريخ وقذائف على شمال إسرائيل من قاعدتهم في لبنان تضامناً مع «حماس». وظلّت إسرائيل و«حزب الله» يتبادلان النيران عبر الحدود منذ ذلك الحين، ممّا أسفر عن مقتل مقاتلين ومدنيّين، وتدمير منازل، وإشعال النيران في الأراضي الزراعية.
بدت الأطراف وكأنّها تحاول تخفيف حدّة المواجهات لتجنّب حرب أوسع. لكنّ هذا النهج انهار في تموز بعد إطلاق صاروخ من لبنان أسفر عن مقتل 12 طفلاً في بلدة إسرائيلية. وردّت إسرائيل بضربة جوية قتلت قائداً بارزاً في «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت.
في منتصف أيلول، شنّت إسرائيل هجمات مفاجئة عن طريق تفجير أجهزة مفخّخة مثل أجهزة النداء والاتصال التي يستخدمها أعضاء «حزب الله». وبعد أيام، شنّت واحدة من أعنف الغارات الجوية في الحروب الحديثة، إذ قصفت مناطق في لبنان يُسيطر عليها «حزب الله» وقتلت زعيمه التاريخي حسن نصر الله. بعد ذلك، أطلقت إسرائيل هجوماً برياً في لبنان وكثفت غاراتها الجوية، بما في ذلك في العاصمة بيروت ومحيطها. فيما استمر «حزب الله» في إطلاق الصواريخ والقذائف على إسرائيل.
إفراط ليفني- نيويورك تايمز