مرحلة انتقالية من حزب مسلح إلى حزب سياسي: نزع السلاح بالقوة يؤدي الى حرب أهلية؟!

تستمر المحاولات الأميركية في العمل على وقف إطلاق النار بين اسرائيل و”حزب الله”، ولكن يبدو أن تل أبيب ليست في وارد القبول بأي اتفاق يسمح للحزب بالنجاة من الحرب المدمرة التي تخوضها ضده، ويقول مسؤولوها إنها لن تقبل بأن يعيد الحزب تسليح نفسه، وتطلب ضمانات في هذا الشأن، وتطالب بنزع سلاح الحزب وفقاً للقرارات الدولية.

إلا أن نزع السلاح بالطريقة التي تطلبها اسرائيل، أي عبر الجيش اللبناني و”اليونيفيل”، ليس الأمر بالسهل، لا سيما من جهة الجيش، وذلك لتركيبة لبنان المعقدة. ويقول وزير سابق لموقع “لبنان الكبير”، في سيناريو محاولة نزع السلاح بالقوة عبر الجيش اللبناني، ما قد يؤدي إلى “ما لا يحمد عقباه، فهذا يعني وضع الجيش اللبناني في مواجهة أحد مكونات الوطن، وفي لحظة اتخاذ قرار كهذا سنرى الجيش ينقسم، وقد ينقسم البلد بأكمله، ولا يبقى لبنان”.

ويرى الوزير السابق أن القوة في موضوع السلاح لا تنفع، بل يجب على الدولة معالجة أصل وجود هذا السلاح، ووجود بيئة حاضنة متمسكة به، فهو لم يولد من العدم، ولا بسبب رغبة فئة في التسلط على أخرى، لافتاً إلى أن “ابن الجنوب وجد نفسه لبنانياً من دون دولة فلجأ إلى ما يحميه، لا سيما على الصعيد الاسرائيلي، وهذا أصل وجود السلاح وسببه، وقبل معالجة هذا الشق، لا يمكنه أن يقبل بتجريده من سلاحه. وحزب الله شأنه شأن أي حزب يمثل تطلعات مؤيديه، ولا يمكنه خيانة الأمانة التي ائتمنته عليها بيئته الحاضنة، وحتى لو رغبت قيادته في تسليم سلاحها، لن تتمكن من ذلك، بغض النظر عن الموضوع الايراني، وأن ايران استغلت حاجة ابن الجنوب الى الدفاع عن نفسه وأدخلت نفسها في جوه ولم تأتِ بالقوة، ولذلك يجب معالجة أصل وجود السلاح، لا معالجة السلاح”.

وتعتبر أوساط “القوات اللبنانية” أن نزع السلاح “سيجري تطبيقاً للقرار 1701، وإن وافق الحزب على التسوية المتداولة التي تشكل القرار يفترض أن لا تكون هناك مشكلة لديه، بل سيعمل على تسليم سلاحه بالتنسيق مع الجيش واليونيفيل، فمن غير المنطقي أن يوافق على التسوية المتداولة، ويلجأ إلى القوة ويرفض تنفيذها، حيث يكون عندها في حالة تناقض. وترى القوات أن الأمر سيتم من دون تصادم، لا سيما في ما يتعلق بالمنطقة العازلة جنوب الليطاني. اما في ما يتعلق بالمنطقة من نهر الليطاني وحتى بقية مناطق لبنان، التي فيها سلاح للحزب، فمن مصلحة الحزب عدم التصادم مع الجيش لأن القرار 1701 يتضمن القرار 1559 وهناك مندرجات في القرار إن وافق عليها الحزب يعني وافق عليها كاملة”.

وتشير الأوساط إلى أن “القوات” تتطلع الى “تنفيذ بنود القرار 1701 كاملة من دون مراوغة وخداع وترفض الوقوع في فخ الحرب الأهلية التي لن يخرج منها أحد منتصراً”.

وتؤكد الأوساط أن المرحلة تتطلب الحكمة نظراً الى “خطورتها وكونها مرحلة انتقالية من حزب مسلح إلى حزب سياسي وهذا ما مرت به القوات سابقاً وقد تأخر الحزب أكثر من 35 عاماً على تنفيذ هذا الأمر، وآن الأوان لبناء دولة حقيقية تبسط سيادتها على كامل أراضيها بسلاح واحد هو سلاح الجيش اللبناني”.

من المستبعد أن يقبل الحزب بالشروط الاسرائيلية، وسيكون لبنان أمام تحدٍ صعب في مرحلة ما بعد الحرب، بحيث أن من عادة القوى اللبنانية العمل على محاصرة فريق ما إن يتعرض لضعف ما، والتاريخ شاهد على ذلك، ويعوّل الشعب اللبناني على حكمة الوطنيين، الذين لا يقبلون الاستفراد بأي مكون، بغض النظر عن موضوع السلاح، الذي يجب فعلاً معالجة أصل وجوده، وهو أن تكون هناك دولة قوية تستطيع بث الشعور بالأمان والطمأنينة للمواطن.

محمد شمس الدين- لبنان الكبير

مقالات ذات صلة