بنات القادة سرّ آبائهنّ “أونلاين”: هل هناك أفضل من “نواعم الحزب” لاستدرار البقاء؟
هنّ بنات وأخوات القادة في “حزب الله” ومحور “حزب الله”: زينب حسن نصرالله. زينب نعيم قاسم. زينب ابراهيم عقيل. زينب (شقيقة) عماد مغنيه. فاطمة عماد مغنيه. زينب قاسم سليماني. ساره إسماعيل هنيه… هنّ زينبيات فاطميات حسينيات- بالإسم والإنتماء- ينغلنَ “أونلاين” منذ اغتيل من ينتمينَ إليهم في الأصل والنسب. بناتٌ يغرّدن منذ قضى آباؤهنّ- أو أكثرية آبائهنّ- “سند غزّة”. راح الآباء- ويحاول أن يتابع آباء- وبقيت زينب وزينب وزينب وزينب وفاطمة وساره وزينب… فهل البنات حقاً سرّ آبائهنّ؟
في ميدانهنّ “سيدات”. يغرّدن، يحاولنَ ضخّ “مقاومتهنّ” ينتحبنَ، يكرهنَ، يبجّلن، ويعبّرن بلا قفازات، تقريباً بلا قفازات. آباؤهنّ قتلوا تباعاً. وأصبح “الميدان الممانع”، إعلامياً، لهنّ. فهل “حزب الله” اليوم- معهنّ- بخير؟
تبدو زينب حسن نصرالله في ميدانها، على منصة “إكس”، قائدة. الأمينة العامة لـ”حزب الله” أونلاين كتبت في صدر صفحتها، بالقلم العريض: مجاهدة في سبيل الله. لديها أكثر من 86 ألف متابع أما هي فتتابع منذ أسبوعين صفحة الانتخابات الأميركيّة فقط لا غير. تلك الانتخابات التي تمخضت عن دونالد ترامب رئيساً كانت عيون البنات- بغالبيتهنّ، عليها.
زينب نعيم قاسم- ابنة أمين عام الحزب الجديد- ليست على مودة مع زينب حسن نصرالله. الثانية تبدو أكثر قرباً من إبراهيم يحيى السنوار ومن ساره إسماعيل هنية، تعيد نشر ما نشروه، وتتحدث عن أبويهنّ بفخرٍ، في حين لا تعير “بوستات” ابنة خلف والدها أيّ اهتمام. زينب نعيم قاسم تتابع زينب حسن نصرالله أما زينب حسن نصرالله فلا تتابعها. ليست في حساباتِها.
زينب ابنة نعيم
إبنة الشيخ نعيم تعرّف عن نفسها “نحن أبناء علي بن أبي طالب”. هي كتبت نحن أبناء لا بنات. نغض الطرف ونتابعها. حضورها أقل “كاريزما” من ابنة سلف والدها. هي تسارع إلى إعلان: “عاجل، كلمة للأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم”. فلا تلق إشارة إعجاب واحدة. الفرق بين الإبنتين تعكس الفرق بين الأبوين من حيث الحضور والكاريزما. في كل حال، كلتاهما تفجّعتا في “ميدان البنات” على السيد حسن. إبنته تُكرر كل يوم جمعة “لا تنسوه من دعواتكم”. وتكتب وتعود وتكتب وتكتب “أبي انكسر ظهري بعدك، ستظلّ ذكرياتك نوراً أستمدّ منها روح المقاومة”. زينب نعيم قاسم كتبت مرّة عن السيد حسن “عمت عيني عليك يا أبي وقائدي. نلت ما تمنيت يا عزيز الروح. والله مشتاقتلك”. لكنها لم تحصد معجبين. وعادت زينب ابنة قاسم لتنهمك في أخبار والدها كاتبة يوم أعلن الوالد الأمين الخلف “نحن من سيُمسك رسن العدو ونعيده إلى الحظيرة”. وعادت وكتبت له “ساعد الله قلبك أيها الحبيب،أبي نعيم، وأنت تفتقد رفاق دربك درب الجهاد والتضحية”. هي تشعر به وحيداً.
زينب ابنة نعيم كتبت عن حوار (في الحلم) بينها وبين والدها جاء فيه “كان اتصالاً بيني وبين الوالد قلت له عظّم الله لك ولكم الأجر بالمصاب الجلل. ما هي أخبارك حول الحرب؟ قال لي: بنتي زينب على أي حرب تتكلمين؟ قلت له: حرب حزب الله مع الصهاينة. ضحك وقال: نحن نناور فقط. عندما تبدأ الحرب سأعطيك خبراً. كوني مطمئنة النصر حليف المقاومة”. إطمأنت زينب؟ لم نشعر. إطمأنيتم؟ نعلم أنّ ثمة خراباً بعد كثيراً. نأمل أن يكون مجرد حلم وتتوقف سيول الدماء والدمار.
زينب ابنة قاسم
ماذا عن زينب الثالثة، زينب قاسم سليماني؟ هي واحدة من بنات القائد العسكري الإيراني الذي تتصدر صوره طرقات الضاحية الجنوبية. هي توجهت إلى حسن نصرالله يوم قتل والدها في 3 كانون الثاني 2020 “عمي العزيز حسن نصرالله أعلم أنك ستثأر لدم والدي”. هي عادت وتزوجت من نجل هاشم صفي الدين رضا. وأصبحت إيرانية- لبنانية. وظلّت تتحرك في ميدانها، عبر منصة إكس، مغردة باللغة الفارسية، الى أن انقطعت عن ذلك نهائياً في 11 أيار 2021. يبدو أنها انهمكت في شؤون أهل البيت الداخلي، البيت الضيّق، تاركة أكثر من 80 ألف متابع وحيدين. ثلاثة حسابات كانت زينب بنت قاسم تتابع صفحاتهم هم: الأب قاسم سليماني والفريق قاسم سليماني وقاسم سليماني. هم ثلاثة في واحد. أما الثلاثة الآخرون فألغت متابعتهم وهم: علي يوسف حجازي وإيدي كوهين وأحمد كوثراني. هي راحت إبان حراكها تحكي بلغتها الأم، اللغة الفارسيّة- على الرغم من ضلوعها باللهجة اللبنانية- عن “المقاومة” ممسكة بأيفون أميركي لم يبارح يدها اليمنى. هي كانت تبني مؤسسة “مدرسة الحاج الفريق قاسم”. لكن زينب ابنة قاسم عادت وغابت عن السمع.
زينب ابنة إبراهيم
ماذا عن زينب الرابعة ابنة قائد قوة الرضوان في حزب الله إبراهيم عقيل؟ هي تتابع أيضا علي يوسف حجازي وصادق النابلسي. وهي كتبت وكررت “عندما نستبدل مفهوم الوطن والحدود بمفهوم الأمة عندها سنقرأ المشهد بشكلٍ صحيح”. حدود زينب الرابعة طبعاً أكبر من لبنان الذي انتمت، باقترانِها، له. هي غابت أيضا عن السمع والزقزقة.
نصل إلى زينب الرابعة شقيقة عماد مغنية وابنته فاطمة. زينب أخت عماد صديقة زينب ابنة عماد. هي عبّرت عن أفق البيت بالقول “والدتي آمنة (سلامة) كانت تعتبر السيّد الخامنئي الأمين على دماء الشهداء”. وقالت عن شقيقها “أفنى عماد حياته في سبيل القضية الفلسطينية”. نبحث عن لبنان في كلامها وفي كلام فاطمة اإبنة عماد فلا نجده. للأسف لا نرى لبنان حاضراً. فاطمة، من جهتها، قالت إن والدتها كانت تردد على مسامع الأولاد “والدكم (الغائب دائماً) لن يعود حتى يظهر صاحب الزمان”. غاب عماد مغنيه قبل الظهور.
ساره ابنة إسماعيل
ساره إسماعيل هنية – صديقة زينب حسن نصرالله- غردت يوم قُتل والدها “يابا انا بدونك ولا شي والله”. وهي كتبت بعيد استهدافه في إيران: “لا مقدمات للردّ إلا بالردّ فالصدمة بالصدمة ومن تفاجأ في طهران فليتفاجأ في تل أبيب”. ووصفت والدها بعبارة “ملاك نزل من السماء. صاحب أجمل ابتسامة في الدنيا”. ومن لام إيران يومها لقتله في عقر دارها كتبت “الهدف من اغتيال والدي في طهران هو ان تكون مواقفنا ومنشوراتنا كقاصرات الوعي أو العملاء بالهجوم على إيران وتجاهل العدو. الوعي يا شباب أمتنا”. هي كتبت ما كتبته لكنها… كانت تعلم. عادت ساره ابنة هنيّة واستدارت الى اليمن لتقول “اليمنيون حاضرون أن يضحوا بكل ما يملكون من أجل مناصرة أهل غزة”. يبدو أنه يفترض أن تتحول كل دائرة الممانعة الى دمار أسوة بغزة. سارة كتبت تغريدة يوم 31 تموز 2024 “وداعاً أبي… الى اللقاء. أبي اليوم عريساً يُزفّ الى جنة الخلد مع محمد حبّه بعد البحث عنها لأكثر من 40 عاماً من النضال”. غاب إسماعيل ومعه ساره بعدما رثت يحيى السنوار وهاشم صفي الدين والسيد حسن ووضعت صورة أبو عبيدة كاتبة “هل تقبلون أن يكون هذا الشاب قائداً أعلى للجيوش الإسلامية؟ إذا كنتم تحبونه ضعوا قلباً”. هناك من وضعوا قلوباً. هناك من لا يريدون العودة إلى حدود الوطن.
على قاعدة “منكمل بيلي بقيوا” تتتابع الأسماء المطروحة دائماً لنضع لها القلوب عملاً بمقولة زينب بنت حسن “لن ينطفئ قمر بني هاشم وإن مات منا سيّد قام سيّد”.
هل هناك أفضل من “نواعم الحزب” لاستدرار البقاء؟ زينب بنت حسن تعرض صوَر “انتصارات” ساردة قصص دمار هائل في حيفا وتل أبيب ويافا وفي كلّ “الكيان الزائل”. واعدة “أن الوعد الصادق 3 على قاب قوسين أو أدنى”.
سؤال… للمسلمين فقط
ثمة سؤال يتكرر على لسان البنات “أنت كمسلم عربيّ هل يمثلك “حزب الله”؟”. تكرج الإجابات بين: نعم وزيادة ولا مع تأكيد “هو يمثل إيران فقط”. ثمة تعليق أيضا على شكلِ يقين كررته زينب حسن نصرالله “مش غريبة يا أبي أن شعبك ما صرخ وقال: وينكم يا عرب؟ كأنك أنت العرب كلهم بعين شعبك”. لا تنتهي البنات من رواية الأحداث في ميدانهنّ مرددات: هيهات منا الذلة.
والسؤال، هل تمثل بنات قادة الحزب- وأخواتهنّ- جيش “حزب الله” النسائي؟
في الحزب- كما ردد “السيّد المقدس” كما وصفوه – مئة ألف مقاتل. فهل للنساء حصّة؟ هنّ، بحسب مقربين، محازبات ومناصرات وأرامل وأيتام من قتلوا في المعارك. لهؤلاء النساء ميدانهنّ أيضا. في الاحتفالات نجدهنّ. في عاشوراء نجدهنّ. وفي التعبئة الفكرية موجودات. بنات قادة الحزب يلعبنَ اليوم دور التعبئة الفكرية وبثّ الصبر في نفوس بيئة “حزب الله”. إنهنّ ينغلن “أونلاين” على وقع الساعة.
بعيداً عن صوت الحرب والموت والدمار، ثمة رسم مرفق بتعليق من زينب نصرالله. الرسم يضمّ امرأة ترتدي اللانجري وحولها نساء منقبات. أما التعليق ففيه “هناك من كتب أن هذه الفتاة (غير المنقبة) بطلة وشجاعة، وهناك من كتب أنها النور في الظلام… إلى هؤلاء، هل لنا أن نرى شجاعة أختك ونور زوجتك وأمك البطلة؟ ليت كل علماني عربي يصوّر أمه وأخته وابنته وزوجته كي نرى شجاعتهنّ”. وأرفقت ما كتبت بقهقهة. زينب لا تتقبل من لا يشبهها وتلوم من يقول إنها لا تشبهه. فمن قصدت زينب هذه في مَن ترتدي “اللانجري”؟ هل أشارت إلى كلّ من لا يرتدينَ النقاب؟
نعود الى ابنة أمين عام “حزب الله” الجديد، إلى زينب بنت نعيم، التي ثبّتت في 31 تشرين الأوّل رسم والدها وكتبت “الغصن ينبت غصناً حين نقطعه، والليل ينجب صبحاً حين يكتمل، ستمطر الأرض رغم شحتها، ومن بطون الألم يولد الأمل”. مقولة لم تحصد أيضا إعجاباً. لم يستطع الشيخ نعيم ولا زينب بنت نعيم استيعاب بيئة “حزب الله”.
البنات يسردن في الميدان حكاياتهنّ اليومية، تعب بعضهنّ وانسحبن، ويصمد البعض الآخر وينذرنَ: هيهات منا الذلة. كلّ ذلك وهنّ يصررنَ على نشر صوَر أطفال قضوا في الغارات مرددات “نوم العوافي يا عرب”.
وسقطت زينب بنت حسن في إعادة نشر “بوست” يعلن “الطيّب” رجب طيّب أردوغان “زعيم الأمة الإسلاميّة” وفيه “سندافع عن فلسطين بنفس روح وعزيمة أجدادنا الفاتحين”. وأتتها التعليقات “خابت الظنون وخاب رجاؤنا فيه فما رأينا منه إلا كلمات تافهة… والكلام بلا فعل يفقد قيمته”.
كلام بكلام في الميدان.
نوال نصر- نداء الوطن