اختطاف عماد أمهز: تطور أمني نوعي وتصعيد خطر يهدد باختطافات متبادلة تشمل جنسيات أجنبية

في تطور أمني نوعي وخطر هو الأول من نوعه منذ بدء جولة الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله، شهدت مدينة البترون حادثة غير مسبوقة تمثلت بتنفيذ قوة يشتبه في أنها إسرائيلية إنزالاً بحرياً في منطقة بعيدة عن ساحات المواجهة، حيث قامت باختطاف المواطن عماد فاضل أمهز من شاليه خاص به قرب معهد علوم البحار، فيما تضاربت المعلومات حول هويته، بين كونه قبطاناً بحرياً مدنياً أو تلميذاً يخضع لدورة تدريبية، في معهد خاص لا يتبع أي جهاز أمني.

وقد أشارت المعلومات إلى أن عملية الكوماندوس الإسرائيلية في البترون استغرقت بضع دقائق ونفذها 20 جندياً إسرائيلياً بينهم مدنيان، ووقعت الحادثة منذ 48 ساعة تقريباً، وكشفتها الأجهزة الأمنية بعد تلقي بلاغ من زوجة أمهز، حيث أظهرت الأدلة في كاميرات المراقبة تفاصيل الاختطاف.

وتشير مصادر أمنية إلى أن هذه العملية تطرح تساؤلات كبيرة حول هدف إسرائيل من هذا الاختطاف في منطقة غير مألوفة لهذا النوع من العمليات، خصوصاً أن قواتها سبق أن حاولت تنفيذ إنزالات بحرية وجوية مماثلة خلال حرب تموز 2006، مما قد يعكس إصراراً على مواصلة استراتيجيتها في استهداف مواقع بعيدة عن المواجهات المباشرة. ووفقاً لما نقله موقع “أكسيوس” عن مسؤول إسرائيلي، فإن الهدف الأساسي كان استجواب أمهز لكشف المزيد عن العمليات البحرية لحزب الله، علماً أن المعلومات الأولية كانت قد أشارت إلى أنه عضو في الحزب، وهو ما نفاه الأخير، كما نفت الأجهزة الأمنية اللبنانية أن يكون ضابطاً بحرياً في أي مؤسسة تابعة للدولة.

وأظهرت التحقيقات الأولية أن عماد أمهز يعمل كقبطان بحري ولا علاقة له بأي أجهزة أمنية لبنانية، وكان قد استأجر الشقة في البترون منذ نحو شهر بهدف الدراسة في معهد البحار. وخلال تفتيش الشقة، عثرت القوى الأمنية على نحو 10 شرائح اتصالات بأرقام أجنبية وهاتف محمول، بالإضافة إلى جواز سفر أجنبي.

هذه العملية طرحت الكثير من التساؤلات، حول كيفية وصول القوة الإسرائيلية، التي يُعتقد أنها تتبع للبحرية الإسرائيلية، وليس الموساد، والمعروفة بـ “شييطيت 13″، المولجة بتنفيذ عمليات الإنزال البحري خلف خطوط العدو. وتعد هذه القوة مشهورة منذ كمين أنصارية الذي أدى إلى مقتل عدد من أفرادها، وقد سبق لطائرة مسيرة من نوع “هدهد” أن صورت مقر قيادتها في حيفا. وتضيف هذه العملية علامات استفهام حول قدرتهم على الوصول عبر البحر الخاضع لرقابة مشددة من قبل قوة “اليونيفيل” البحرية، وخاصةً القوة الألمانية، التي أسقطت مؤخراً طائرة مسيرة كانت تستهدف حقل كاريش.

ويثير هذا الحادث أيضاً تكهنات خطرة حول احتمالات تصعيد الأحداث، حيث يخشى بعض المحللين أن تكون مقدمة لدخول المنطقة في دوامة من الاختطافات المتبادلة، ما قد يشمل جنسيات أجنبية، وخصوصاً المرتبطة بالدول الغربية. ويعزز هذه المخاوف كون البحر خاضعاً لمراقبة مشددة من قبل قوات اليونيفيل البحرية، وتحديداً القوة الألمانية، التي قامت في فترة سابقة بإسقاط طائرة مسيرة كانت متجهة نحو حقل كاريش، ما يضع علامات استفهام حول كيفية وصول القوة الإسرائيلية إلى البترون دون كشفها.

وفي سياق متصل، يشير بعض الخبراء إلى أن هذه العملية لم تكن لتتم دون علم الجيش الأميركي، نظراً لقرب مدينة البترون من مطار حامات، الذي يتمركز فيه جنود وقوات أميركية. مما يعني أن مركز القيادة والسيطرة الأميركية كان على دراية بالعملية، خصوصاً أن هذه القوات تملك على الأرجح نظام دفاع أو استخبارات يغطي نطاقاً واسعاً من المراقبة، مما يشير إلى درايتها وموافقتها على العملية.

وأثار هذا الحادث في الشارع اللبناني أسئلة عديدة حول كيفية تمكن القوة المنفذة من التسلل إلى المنطقة وتنفيذ العملية، وسط تأكيدات من مصدر أمني أن الفرضيات تشير إلى أن القوة قد تكون وصلت عبر البحر أو من خلال الطوافات العسكرية الصامتة. كما لم يستبعد المصدر الأمني إمكان تدخل دولة ثالثة في العملية، إلا أن هذه الفرضية تبقى ضمن نطاق التأويل حتى الآن.

وبحسب التحقيقات، تمكنت القوى الأمنية من الحصول على جهاز تسجيل كاميرات المراقبة في محيط الشقة، لكن إسرائيل قامت بحذف البيانات عن بُعد، ما أضاف عقبة جديدة أمام جهود التحقيق.

وفي ظل هذه التطورات، تبقى الأنظار مسلطةً على ردود الفعل الرسمية والدولية، وسط مخاوف من أن يؤدي هذا الاختطاف إلى عمليات متبادلة تتناول جنسيات أخرى، خصوصاً مع تصاعد وتيرة الحرب. وقد يحمل هذا الحادث في طياته تداعيات واسعة النطاق، ليس فقط على المستوى الأمني المحلي، بل أيضاً على مستوى العلاقات الدولية مع القوى الموجودة في المنطقة.

الديار

مقالات ذات صلة