كيف تعرف وسائل التواصل ما الذي نفكر فيه؟

إذا لم تكن مرتاحاً للإعلانات، فهناك طرق للتخفيف من قوة التجسس التي يتمتع بها الهاتف الذكي، ولكن قد تفقد بذلك إمكان الوصول إلى بعض الميزات المفيدة مثل المساعدين الصوتيين، لذا سيتعين عليك أن تقرر ما إذا كانت هذه الميزات تستحق التضحية بخصوصيتك.

سؤال طرح مرات عدة، كيف تعرف وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت ما نفكر فيه؟، فهل كتبت شيئاً ما في “غوغل” وظهر لك على الفور ما كنت تفكر فيه بالضبط قبل حتى كتابة الجملة بأكملها؟ وهل تساءلت يوماً عن سبب قيام وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بك بتخصيص إعلانات تتعلق مباشرة بهواياتك أو اهتماماتك الشخصية؟.

تجربة

عندما تفكر في الأمر، ستجد أن الهواتف الذكية مجهزة بمجموعة من أدوات المراقبة، إذ صممت ميكروفونات وكاميرات عدة لاستيعاب الصوت والفيديو، وفي حين أن هذه الأدوات قد تكون مفيدة لإنشاء الوسائط إلا أنها تشكل أيضاً منجماً ذهبياً للمعلنين.

في منتصف عام 2018 أجرى مراسل لموقع Vice تجربة لمعرفة مدى استماع الهواتف الذكية إلى محادثاتنا، ولاختبار هاتفه تحدث الصحافي بعبارات محددة مسبقاً مرتين يومياً لمدة خمسة أيام متتالية، وفي الوقت نفسه راقب موجز أخباره على “فيسبوك” لمعرفة ما إذا كانت هناك أي تغييرات قد حدثت.

وبالفعل بدا أن التغييرات حدثت بين ليلة وضحاها، فتضمنت إحدى عبارات الاختبار التي استخدمها “العودة إلى الجامعة”، وفي صباح اليوم التالي رأى المراسل إعلانات عن دورات صيفية. ثم غيّر عبارة الاختبار إلى “قمصان رخيصة” وسرعان ما رأى إعلانات عن ملابس منخفضة الكلفة على موجز أخباره على “فيسبوك”.

وأثار هذا التقرير موجة من الدراسات حول تأثيرات المراقبة التي تخلفها منصات التواصل الاجتماعي.

خوارزميات تعلّم

غالباً ما تزعم المواقع الإلكترونية والتطبيقات أنها تقدم “تجربة مخصصة” لمستخدميها، وإذا كان أحدهم يستمتع بهذه التجربة المخصصة، فذلك لأنه ربما وافق من دون علمه على منحهم حق الوصول إلى معلوماته.

فمنصات التواصل الاجتماعي وغيرها تجمع كميات هائلة من البيانات عن مستخدميها، بما في ذلك تاريخ التصفح واستعلامات البحث والموقع والتركيبة السكانية. ثم تستخدم هذه البيانات لبناء ملف تعريف لكل مستخدم يتم تحديثه وتحسينه باستمرار بناءً على سلوكه على المنصة.

ولفهم كل هذه البيانات تلجأ منصات التواصل الاجتماعي إلى خوارزميات التعلم الآلي، وتحلل هذه الخوارزميات سلوك المستخدم وتستعمله للتنبؤ بالمحتوى الذي من المرجح أن يتفاعل معه. وتتطور خوارزميات التعلم الآلي وتتكيف باستمرار، لذا فكلما زادت البيانات التي تمتلكها أصبحت أفضل في التنبؤ بسلوك المستخدم.

كما تستخدم المنصات البيانات التي جمعت عن المستخدمين لتخصيص موجزاتهم الإخبارية، مما يعني أن كل مستخدم يرى محتوى مصمماً وفق اهتماماته وتفضيلاته، وعلى سبيل المثال، إذا تفاعل المستخدم بصورة متكررة مع محتوى يتعلق باللياقة البدنية، فمن المرجح أن يرى محتوى مرتبطاً باللياقة البدنية في موجزه الإخباري.

إضافة إلى ذلك، تستخدم أيضاً ما يسمى إعادة الاستهداف لعرض إعلانات للمستخدمين عن المنتجات أو الخدمات التي أبدوا اهتمامهم بها، فإذا بحث مستخدم أخيراً عن سيارة جديدة، فقد يرى إعلانات لمحال بيع السيارات على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة به.

وفي حين أن كل هذه العوامل تجعل الأمر يبدو وكأن خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي تقرأ أفكارنا، فإن الحقيقة بحسب المتخصصين هي أنها ببساطة تستخدم البيانات والتعلم الآلي للتنبؤ بالمحتوى الذي من المرجح أن تتفاعل معه، فقد صممت الخوارزميات لإبقاء المستخدمين منتظمين في المنصة، حتى تتمكن من الاستمرار في جمع البيانات وعرض الإعلانات عليهم.

السر في الخصوصية

عندما تقوم بالتسجيل للحصول على تطبيق أو جهاز جديد، يتعين عليك الموافقة على سياسة الخصوصية الخاصة بهذا التطبيق أو الجهاز، ولكن الغالبية تقوم بسرعة بتحديد مربع “موافق” والمضي قدماً من دون التفكير في الأمر مرة أخرى. وعلى رغم ذلك فإن مربع الموافقة هو بالضبط الطريقة التي تتمكن بها التطبيقات والأجهزة من تتبع ما تبحث عنه، أو ما تتصفحه على محرك البحث الخاص بك، وإرسال إعلانات إليك تؤدي في النهاية إلى قيامك بشراء هذا الشيء.

اندبندنت

مقالات ذات صلة