شهر على استشهاد السيّد حسن نصرالله… مُقاومتكَ بألف خير

شهر على استشهاد القائد السيد حسن نصرالله. شهر على استشهاد من وضع البدايات لتغيير مجرى التاريخ وزوال الكيان “الاسرائيلي” الغاصب. شهر على استشهاد القائد والمعلم والرمز والإنسان والأسطورة. شهر على غياب القائد الملهم الذي اتهم بأنه يسبح عكس التيار من أجل فلسطين والعروبة والإسلام ونصرة كل مظلوم في هذا العالم، لذلك تآمروا عليه وقتلوه، وسها عن بال المجرمين ان قائدا بحجم حسن نصرالله لا يموت، لانه باق في ضمير الشعوب الحية واحرار العالم، ويكفيه فخرا انه بنى مقاومة اذلت “الاسرائيليين” في كل المواجهات منذ العام ١٩٨٢ وكسبت احترام العالم.

شرف لمقاوميكَ ايها السيد القائد، أنهم يقاتلون كل طغاة العالم واساطيلهم، يواجهون المؤامرات بالايمان والثقة بالنفس التي زرعتها فيهم، وبهذا الايمان يصدون كل المؤامرات الكونية، لقد “هللوا وطبلوا” وعمموا انه مع غيابك سينتهي عصر المقاومات، وتشكيل البدايات لـ “الشرق الأوسط الجديد”، لكنهم صدموا برجالكَ المقاومين الابطال، يذلون العدو مستلهمين قامتك ومواقفك في دحر وصد ٧٥ الف جندي على أبواب حولا وكفركلا والعديسة وعيترون وبليدا ومحيبيب ويارين وبنت جبيل وعيتا الشعب وراميا والقوزح ورأس الناقورة ورميش ومارون الرأس وكفرشوبا والهبارية وغيرها من القرى والبلدات.

المجاهدون يصطادون جنود الاحتلال يوميا في الكمائن والعبوات والقصف الصاروخي والالتحامات المباشرة مرددين “لبيك نصرالله”، فيما جنود الاحتلال اذلاء عاجزين رغم كل ما يملكون من امكانيات سخرت لهم من معظم دول العالم، عن احداث خرق نوعي على الحدود الجنوبية على المحاور الخمسة، وقد تراجعوا في كل المواجهات القريبة “وجها لوجه” من مسافة صفر.

ولا يمضي يوم على “الاسرائيليين” من دون خسائر بشرية تتصاعد وتيرتها امام الصمود الاسطوري للمقاومين، الذين اذهلوا العالم جراء الكفاءة العالية في ادارة المواجهات وتحديد ارض المعارك، وطريقة نصب الكمائن المتنقلة، وزرع العبوات والافخاخ، وعمليات الرصد واطلاق الصواريخ الموجهة والقذائف المدفعية القريبة والبعيدة، رغم الضربات الكبيرة التي تعرض لها حزب الله.

وقد ادى الصمود الاسطوري للمقاومين الى شل العدو وإدخاله في حرب استنزاف طويلة، ستؤدي حتما الى تبخر انجازاته الجوية والتجسسية على ارض الجنوب، وكل تلك الإنجازات من مدرستكَ ايها القائد، ومن تعب القادة الذين نالوا شرف الشهادة الى جانبكّ، وفي معركة الاسناد من أجل القدس وغزة وفلسطين .

الصمود الاسطوري للمقاومين حسب كل الخبراء، بدأ يساهم بانقلاب الصورة السياسية والعسكرية شيئا فشيئا، وبدأ الإعلام العالمي يتحدث عن المأزق “الاسرائيلي” وقوة حزب الله الذي استعاد عافيته وثقة جمهوره، عبر معادلة جديدة من التوازنات لا يمكن القفز فوقها، وسقطت الاوهام عن ولادة سلطة جديدة في لبنان معادية للمقاومة، ومنخرطة في مشروع “الشرق الاوسط الجديد”، وسحب سلاح المقاومة ونشر القوات الدولية تحت الفصل السابع. وبدأ بعض “السذج” والمنظرين وزاور السفارات، يوزعون المناصب والوزارات والحقائب وموظفي الفئة الأولى، ويعدون هذا وذاك بمناصب رفيعة، وينظرون الى مرحلة جديدة لا مكان فيها لنبيه بري ونجيب ميقاتي وسعد الحريري ووليد جنبلاط وطلال ارسلان وسليمان فرنجية وجبران باسيل وفيصل كرامي وكل جماعة الطائف، واحداث نفضة شاملة في المؤسسات العسكرية والامنية والإدارية، الذين حكموا البلاد منذ عام ١٩٩١، واجتثاث الحقبتين السورية والايرانية كليا، وما ساد من تسويات دولية وعربية، وبالتالي تنفيذ انقلاب شامل على الطبقة الحالية، وعمموا ان التحول تقوده الولايات المتحدة .

هذه التسريبات المنسوبة الى الاميركيين سادت البلد بعد استشهاد سماحة السيد حسن نصرالله، وقبل ذلك انفجارات “البيجرز”، وتراجعت نسبيا الآن بعد التطورات العسكرية الجنوبية وحكايات اللبنانيين عن بطولات مقاتلي حزب الله، وسها عن بال نتنياهو ان الطيران والقصف والاغتيالات والتدمير لا تصنع نصرا، اذا لم تقترن بانجازات على الأرض تبدو مستحيلة للعدو الاسرائيلي.

هذه الانجازات انعكست ايضا على المفاوضين اللبنانيين، الذين رفعوا من سقف شروطهم لجهة عدم المس بالقرار ١٧٠١، وباتت المباحثات مع الموفدين العرب والأجانب مغايرة كليا للايام التي سادت بين ١٧ ايلول واول تشرين الاول، وتبخرت الأوهام التي عمت الشارع اللبناني عن نهاية عصر المقاومة .

وحسب المتابعين للتطورات السياسية المستجدة، ان الصمود في الجنوب بدأ ينتج خطابا “اسرائيليا” جديدا، سيؤدي الى نزول نتنياهو عن الشجرة، والتلميح الى القبول بوقف النار والحاجة الى ٤ اسابيع فقط بعد أن كان لسنوات. ونقلت هيئة البث “الاسرائيلية” عن مسؤولي العملية البرية في الجنوب، ان العملية في مراحلها الاخيرة، وقد تنتهي خلال أسبوع أو اسبوعين، كما استؤنفت مفاوضات الدوحة، وهذا يؤشر إلى معطيات جديدة فرضها الميدان. فـ “اسرائيل” فشلت على جبهة بطول ١٢٠ كيلومترا من احداث اي خرق نوعي، رغم التبديلات في الالوية اخيرا وزج فرق النخبة الأولى في المحاور الخمسة، وعجز العدو عن تحقيق منطقة عازلة بحدود ٣ كيلومترات.

ويبقى السؤال لماذا لا يتم تأمين الحماية الامنية لفرق وزارة الاشغال، لتمكينها من فتح طريق المصنع “بيروت ـ دمشق”؟ ولماذا لم يطلب ميقاتي هذا الامر من المجتمعين في مؤتمر باريس؟ لان فتح الطريق له مردود اقتصادي كبير على البلاد، رغم ان التسريبات تؤشر الى ان قطع الطريق تم بقرار اميركي ـ فرنسي – اوروبي، لمنع عودة النازحين السوريين الى بلادهم، خصوصا ان العائدين تبلغوا قرار الامم المتحدة بقطع المساعدات عنهم في سوريا .

رضوان الذيب- الديار

مقالات ذات صلة