المجازر جماعية في أمكنة آمنة: عواقب وخيمة على السكان المحليين…والمستهدف واحد!
في ظل النزوح الجماعي الذي يجتاح الأراضي اللبنانية، تتصاعد المخاوف من استهداف مناطق كانت تُعتبر آمنة، ما يثير القلق العميق في نفوس المواطنين. فقد تحول العديد من البلدات، التي كانت تعيش في هدوء نسبي، إلى ساحة لتجاذبات الصراع، بحيث تبرز المخاطر من كل حدب وصوب.
وشهدت العاصمة بيروت، بالاضافة إلى مناطق في الشمال وجبل لبنان، غارات على أماكن غير متوقعة، ومنها شقة في بلدة برجا تعرضت لهجوم استهدف غرفة إدارة الطائرات المسيرة، ما أدى إلى وقوع ضحايا أبرياء، أما ما لم يكن متوقعاً في الشمال فهو الهجوم الذي استهدف أيطو في قضاء زغرتا، وهي منطقة كانت تعتبر بعيدة عن أي توترات عسكرية. فاستهداف شخص مسؤول تابع لـ”حزب الله” في هذه المنطقة، والذي استأجر شقة سكنية هناك، أسفر عن سقوط عدد كبير من المدنيين الذين لم يكن لهم أي ذنب، ما يسلط الضوء على المخاطر المتزايدة التي يواجهها اللبنانيون في كل مكان.
لم يعد العدوان الاسرائيلي يميّز بين الأهداف، بل إن حدود الاستهدافات العسكرية باتت مفتوحة، حتى لو كانت التكلفة أرواح الأطفال والنساء والشيوخ. ومع تزايد أعداد النازحين الذين يجدون ملاذاً في أماكن يُعتقد أنها آمنة، تتزايد المخاوف من أن وجود هؤلاء، وخصوصاً من لهم صلات معينة، قد يفضي إلى عواقب وخيمة على السكان المحليين.
في هذا السياق، تتزايد الأصوات المطالبة بإبعاد أي شخص قد يشكل تهديداً للأمان في المناطق التي تستضيف النازحين. فعقب الغارة الاسرائيلية على بلدة أيطو، عبّر رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية عن قلقه، داعياً إلى عدم نزوح أي شخص يمكن أن يشكل خطراً على أهالي زغرتا. كما أصدرت بلديات عدة بيانات تحذر من إدخال أي شخص قد يمثل خطراً على السلامة العامة، مشددةً على ضرورة حماية المواطنين من التداعيات المحتملة.
هذه الأوضاع تتطلب من البلديات والجهات المعنية اتخاذ إجراءات فاعلة وحازمة لحماية السكان، خصوصاً أن العديد من المناطق يحتوي على مراكز إيواء مكتظة بالنازحين، وقد أثبتت محافظة جبل لبنان، التي استقبلت عدداً كبيراً منهم، أنها واحدة من أكثر المناطق أماناً منذ حرب تموز 2006، ما يضع المسؤولين أمام تحدٍ كبير في ضمان سلامة الجميع.
في خضم هذه الأزمات، يظل السؤال قائماً: ما هي الخطوات التي يمكن أن تتخذها المنظمات الادارية والبلديات في هذه المناطق لضمان سلامة السكان وحمايتهم من المخاطر المحتملة؟
رئيس بلدية بعاصير وحارة بعاصير أمين القعقور، أكد لموقع ”لبنان الكبير” أن دور البلدية يتركز على تقديم الخدمات لأهالي البلدة، مشدداً على أنهم ليسوا جهة أمنية أو مخابراتية. وقال: “قمنا باستقبال عدد من النازحين وسجلنا أسماءهم، ولكن بعد الغارات التي استهدفت مناطق مثل برجا والجية، والتي كانت تُعتبر آمنة، بدأت المخاوف تتزايد. وجاءت المطالبات بالتحقيق في هوية الوافدين، ما دفعنا إلى إبلاغ أصحاب الشقق السكنية بضرورة توخي الحذر وإبلاغ من يقيمون فيها بطبيعة هذه الشقق، لتجنب أي أمر قد يسبب خطراً. نحن حريصون على ايصال هذه الرسالة، مؤكدين أن ما نقوم به هو للمصلحة العامة.”
وفي ما يتعلق بمخاطر النزوح، أكد مختار بلدة عرمون حسام عجاج الحلبي، لـ “لبنان الكبير”، أهمية الصراحة والوضوح في التعامل مع النازحين، قائلاً: “نحن نفتح أبوابنا وقلوبنا لأهلنا النازحين، ولكن يجب أن نبقى صادقين في كل الأمور المتعلقة بالنزوح، تفادياً للمخاطر التي قد تؤثر علينا جميعاً. نرى كيف تأتي الاستهدافات في مناطق غير متوقعة، وهذا يحتم علينا أن نحذر من خطورة هذا الموضوع. أما بالنسبة الى الآلية التي يمكن أن نعمل بها في بلدة عرمون، فإن أي جهة تظهر عليها علامات الشك ستخضع للتحقيق من شباب البلدة، ولا يمكننا اعتماد أساليب أخرى في الوقت الراهن.”
وأشار رئيس بلدية داريا عبد الناصر سرحال، عبر موقع ”لبنان الكبير”، إلى التحديات التي تواجه البلديات في متابعة ملف النزوح، لافتاً الى أن “بلديتنا، مثل بقية القرى، ليست لديها الامكانات لمتابعة كل شيء بمفردها، خصوصاً في موضوع حساس كهذا. نحن نستقبل أعداداً كبيرة من النازحين، ونسعى الى التعاون مع الأهالي والقوى الأمنية. لقد وجدنا تفاهماً كبيراً على مخاطر هذا الوضع، بحيث يمكن أن يكون هناك أشخاص يسببون الخطر للجميع. عموماً لا مستأجرين لدينا، بل مراكز إيواء تستضيف حوالي 70 إلى 80% من النازحين. من خلال جمع المعلومات الشخصية والتفاصيل لكل من يدخل هذه المراكز، نستطيع أن نكون على دراية بأن الأمور تسير بصورة سليمة في البلدة ولا مخاطر”.
عمر عبد الباقي- لبنان الكبير