“حزب الله” “استوعب الحدث المدوّي وآثار الضربات… وبدأ رحلة المفاجآت”
احتاج “حزب الله” إلى نحو 36 ساعة لكي يبدو متماسكاً بعد اغتيال أمينه العام السيد حسن نصرالله في الضاحية الجنوبية، لكنه ما زال محتاجاً الى وقت أطول لكي يثبت أنه ولج مربّع استيعاب هذا الحدث المدوّي وما نجم عنه من تداعيات.
كان لزاماً على الحزب أن ينطلق في رحلة عنوانها استعادة ما فقده من صورة قوة وهيبة ويستعيد المكانة التي كانت ملكاً حصرياً له منذ أكثر من ثلاثة عقود، لذا سرعان ما أوكل الى ثلاثة من صفه القيادي الأول والثاني مهمة الظهور المتتالي سعياً لتقديم تطمينات الى جمهور الحزب أولاً خصوصاً وقد بدا في حال ارتباك خال البعض أنه آيل الى انهيار وشيك والى تقديم رؤية متكاملة الى أعداء الحزب والى الذين اختاروا الوقوف على التلة بانتظار ما سيحمل نهر الوقت الجاري.
ووجد الحزب المصدوم نفسه مجبراً على تقديم مكاشفة الى من يهمهم الأمر من خطوطها العريضة:
– أن يميط اللثام عن أبعاد واقعة صادمة هي واقعة اغتيال أمينه العام السيد حسن نصرالله.
– أن يكشف عن وضعه الميداني، وما الإمكانات العسكرية التي ما زال يملكها وهل هي كافية لإحداث تحولات نوعية بعد سلسلسة الضربات التي تلقاها خصوصاً في الشهرين الماضيين والتي حيّدت غالبية قيادته العسكرية المخضرمة. وقد ازداد هذا السؤال حدّةً بعدما بدأ الإسرائيليون هجومهم البرّي الحدودي ورفعوا منسوب إغاراتهم على الضاحية الجنوبية الى بلدات الجنوب والبقاع كافة.
– كان على الحزب بإلحاح أن يحدد موقفه سريعاً من مسألة الجهود الديبلوماسية والسياسية التي طفت فجأة تحت عنوان إيجاد حلول سياسية مبنية في جوهرها على قبوله بتسويات وتوطين نفسه على ضرورة تقديم تنازلات كبرى جوهرية تحت عنوان ترتيبات أمنية حدودية.
لم يعد خافياً أنه بعد الساعات الـ36 التي تلت الغارة الإسرائيلية على مقر نصرالله تحت مجمع بنايات في حارة حريك، كان الحزب مضطراً إلى أن يدخل في حال غياب وصمت بعدها وزّع الحزب نصّ النعي الرسمي للسيد نصرالله، ليعود بعدها الى شرنقة الصمت ثم كان بعدها الظهور الأول لنائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم حيث تلا بياناً كان اللافت فيه التأكيد أن الحزب ماضٍ قدماً في إنفاذ ما بدأه سيده الشهيد.
ومع ذلك فإن المشهد الذي ظهر به الشيخ قاسم وخصوصاً وجهه المسكون بالقلق واللايقين لم يكن كافياً ليقدّم رؤية حاسمة لمآلات الأمور في لحظة مفصلية من أصعب اللحظات في حياة الحزب.وبعدها بقليل أطل المسؤول الإعلامي للحزب محمد عفيف ليقدم رؤية أكثر وضوحاً من جانب الحزب تقوم على أن لدى الحزب رهاناً أكيداً على مجريات المعركة البرية مع إسرائيل وأنه يضع الانتصار هناك نصب عينيه ، وأن الحديث عن أزمة بنيوية وجودية تطال الحزب لا مكان لها وعلى المنتظرين وقوعه أن يعيدوا حساباتهم.
وهكذا قدّم الحزب أدلته ومطالعاته التي تثبت أنه استردّ وعيه وخرج من غيبوبة لبعض الوقت مزوداً بشحنة قوة ودعم مستقاة من مجريات الوضع الميداني الحدودي حيث إن مقاتليه وفق القيادي في الحزب النائب حسن عز الدين منعوا العدو من تحقيق أي خرق ميداني للحدود اللبنانية، ما يشي بمرحلة جديدة من المواجهات البرية حيث إن مقاتلي الحزب أعدوا العدة لهذه اللحظة وتحضروا لها، وراهنوا عليها، وأقدر أن رهانهم هذا كان في محله إذ إن المواجهات البرية دخلت يومها العاشر والعدو لم يستطع أن يأخذ صورة نصر واحدة كان يرجوها وهو يدخل أي أرض لبنانية.
ويخلص عز الدين الى القول “نحن لا نبالغ إذا قلنا إن في جعبة مقاومينا المزيد من المفاجآت الإيجابية لنا والسلبية لعدونا، وبناءً على ذلك ندعو الجميع الى التعقل والقراءة المتأنية لمسار المواجهات”.
ابراهيم بيرم- النهار