بعد اغتيال نصرالله والقيادات… هل ينقسم “حزب الله” ويتحوّل إلى أجنحة…وما دور ايران؟

غياب التجانس بالمواقف السياسية ظهر جلياً حينما سُئل نائب “حزب الله” حسين الحاج حسن عن استعداد الحزب لفصل مسار غزّة جبهة لبنان، فقال إن “الأولوية لوقف إطلاق النار”، ليُقابله تشديد نائب رئيس المجلس السياسي للحزب محمود قماطي على عدم فصل وقف إطلاق النار بين جبهة غزّة وجبهة لبنان، وقوله إن الحزب لم يتراجع عن “إسناد” غزّة وبات أكثر تشدّداً في هذا المسألة.

بدأت سمات الفوضى تظهر على معالم قيادات “حزب الله”. تصريحات غاب عنها التجانس المعروف والذي تمتع به الحزب لعقود من الزمن تشكّل مشهدية تشي بأن “حزب الله” يفقد السيطرة على قيادته بعد اغتيال أمينه العام السيد حسن نصرالله وسلسلة من القادة الآخرين، فأثيرت أسئلة عن احتمال انقسام قيادة الحزب إلى اتجاهات أو حتى أجنحة.

غياب التجانس بالمواقف السياسية ظهر جلياً حينما سُئل نائب “حزب الله” حسين الحاج حسن عن استعداد الحزب لفصل مسار غزّة عن جبهة لبنان، فقال إن “الأولوية لوقف إطلاق النار”، ليُقابله تشديد نائب رئيس المجلس السياسي للحزب محمود قماطي على عدم فصل وقف إطلاق النار بين جبهة غزّة وجبهة لبنان، وقوله إن الحزب لم يتراجع عن “إسناد” غزّة وبات أكثر تشدّداً في هذه المسألة.

انعدام التجانس انسحب أيضاً على التصريحات بين نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم وقادة الحزب من جهة، وإيران من جهة أخرى. ففي حين أيّد قاسم مساعي رئيس مجلس النواب نبيه برّي لوقف إطلاق النار في الجنوب، أكّد وزير الخارجية الإيراني عبّاس عرقجي من بيروت تلازم مساري لبنان وغزّة، وهو الموقف الذي عكسه قماطي.

وبالتالي، فإن ثمّة أسئلة كثيرة تُطرح حول قيادة “حزب الله” الحالية ومدى تجانسها في ما بينها ومدى تماهيها مع التوجهات الإيرانية، وإمكانية تنامي حالة “ملبننة” في الحزب ترغب بالتمايز عن إيران وتحمّل الأخيرة مسؤولية دمار “حزب الله” دون مساعدته، واحتمال تحوّل الحزب إلى أجنحة متعارضة، وحول تشكيل قيادة “حزب الله” الجديدة، وما إذا كان القرار سيكون إيرانياً أم لبنانياً.

انقسامات داخل الحزب؟
سيُجري “حزب الله” قراءة لمرحلة ما بعد فتح جبهة الجنوب بهدف تقييم قراراته وفهم أسباب بقائه وحيداً في “إسناد” غزّة ومواجهة إسرائيل وحده، وهذا ما يؤكّده الأستاذ في العلوم السياسية وليد صافي، الذي يرهن نمو توجهات جديدة “ملبننة” تفكّر بطريقة مختلفة غير تقليدية داخل الحزب بالقراءة النقدية المذكورة التي من المفترض أن يُجريها ما تبقى من القيادات القديمة وبعض القيادات الجديدة.

وإذ لا يتوقع صافي انقسامات جذرية داخل الحزب، يعود في حديث لـ”النهار” إلى فكرة نمو اتجاهات دون الغوص بتفاصيل الشكل كونه من المبكر رصد المعالم، لكنه يوضح أن “اللبننة” لا تعني أن الحزب سيبتعد عن ايران، لأنه جزء من التركيبة العضوية للحرس الثوري وفيلق القدس، وهو بحاجة لرعاية طهران بعد انتهاء الحرب، والأخيرة بحاجة له في سياق حربها ضد إسرائيل.

وثمّة من يُشبّه نموذج “حزب الله” المستقبلي بنموذج “حماس” سابقاً، أي وجود قيادة سياسية فلسطينية الهوى يمثّل خالد مشعل أحد صقورها، وقيادة عسكرية مقرّبة من إيران يقودها يحيى السنوار ومحمد ضيف، ويقول إن “حزب الله” قد “يُلبنن” مقابل اقتراب “المقاومة الإسلامية” (جناح الحزب العسكري) من إيران، خصوصاً بعدما أصدرت “المقاومة” بياناً سياسياً قبل أيام تحدّثت فيه عن استمرار دعم غزّة، وكان البيان غريباً من نوعه.

في هذا السياق، يرى صافي أن مستقبل “المقاومة الإسلامية” مرتبط بما سيفرزه الميدان واحتمال تطبيق استراتيجية دفاعية بعد انتهاء الحرب، في حال كان ثمّة توجّه لتطبيق استراتيجية وجعل سلاح “حزب الله” تحت أمرة الجيش.

الموقف من وقف إطلاق النار كان محورياً لتظهير الاختلاف بوجهات النظر، وينسب صافي هذا الاختلاف إلى ثلاث فرضيات، فإما أن تطوراً جريئاً ينمو داخل الحزب يُخالف موقف إيران بربط جبهتي لبنان وغزّة، وإما هو مناورة لعدم تحميل الحزب مسؤولية تداعيات الحرب الكبيرة أمام الجمهور، أو استشعار إيراني بخطر استمرار الحرب والإيعاز لقاسم بعدم ذكر ربط الجبهتين.

من سيُشكّل قيادة الحزب الجديدة؟
بعكس مراقبين يعتقدون أن الحزب قد يتمتع بهامش حركة متمايزة عن إيران في الفترة المقبلة، فإن صافي يعتقد أن نصرالله كان يتمتع بهامش لجهة السياسات الداخلية والخارجية، وهذا الأمر سيتبدّل، والتأثير الإيراني على سيرورة اتخاذ القرارات سيكون متشدّداً أكثر، بخلاف المرحلة الماضية، ومن المستبعد أن تتلاشى قبضة إيران والحرس الثوري.

ومن المرجّح أن تكون لإيران اليد العليا بتشكيل قيادة “حزب الله” الجديدة، خصوصاً وأن المستشارين الإيرانيين في الحرس الثوري وفيلق القدس يؤدون دوراً كبيراً في قيادة الحزب، وإيران لن تتخلّى عن “حزب الله”، لكن تبقى العين على الاتجاهات الجديدة التي قد تنشأ، وبرأي صافي، سيكون لإيران دور في إعداد التركيبة الجديدة والجيل الجديد الذي سيتسلّم مهام القيادة.

جاد فياض- النهار

مقالات ذات صلة