صحافي اسرائيلي “غريب الأطوار” في الضاحية: لماذا أطلق سراحه وترحيله بسرعة ؟

أوقف أمن “حزب الله” في الضاحية الجنوبية لبيروت، صحافياً يحمل ثلاث جنسيات على الأقل، اسرائيلية، أميركية وبريطانية، يدعى جوشوا صامويل تارتاكوفسكي، وبعد التحقيق معه سلمه الحزب الى مخابرات الجيش، ثم تم إطلاق سراحه وترحيله بناء على إشارة قضائية.

وأثار موضوع إطلاق سراحه جدلاً في الرأي العام اللبناني، لا سيما أن وسائل إعلامية أفادت بأن السفارة الأميركية ضغطت كي يطلق سراحه بسرعة. واستغرب العديد من الناشطين كيفية إطلاق سراح اسرائيلي في ظل الحرب، لا سيما بعدما تبين أن هناك خرقاً اسرائيلياً كبيراً في لبنان عموماً و”حزب الله” خصوصاً.

مصادر قانونية قالت لـ”لبنان الكبير”: “عادة ما تتولى المحكمة العسكرية ملف العملاء، ولا يبدو أنها تولت القضية هذه المرة، وربما لم يجد القضاء من مبرر لاحتجازه”.

أما مصادر قريبة من “حزب الله” فأكدت أن أمن الحزب لم يجد أن تارتاكوفسكي يشكل خطراً أمنياً، ولو كان كذلك لما سلمه إلى الدولة اللبنانية بهذه السرعة، معتبرة أنه “لا يشكل صيداً ثميناً للمقاومة، ولا يمكن حتى احتجازه كورقة تفاوض، ولذلك تم تسليمه الى الدولة، كي تقرر مصيره، ويبدو أنها استعجلت إطلاق سراحه كونه أميركي الجنسية، وكان عليها احتجازه لفترة أطول قليلاً فقط لحفظ ماء الوجه أمام المواطنين اللبنانيين الذين يعانون من الاجرام الاسرائيلي، ولكن يبدو أن كل ما هو أميركي مميز، ولا معنى للدولة وسيادتها وخاطر مواطنيها أمام العم سام”.

وفي بحث عن خلفية تارتاكوفسكي يمكن ملاحظة أمور غريبة، فهناك على مواقع التواصل الاجتماعي العديد من الحسابات باسمه وصورته، وجميعها بالكاد ناشطة، على تطبيق “فايسبوك” هناك 6 حسابات، أكثرها نشاطاً حساب لم ينشر أي منشور على الموقع منذ الثالث من أيار، ويبدو أن حسابه الأساسي، حيث تجد الكثير من الصور عليه من مواقع مختلفة حول العالم.

وهناك حساب آخر ليس عليه أي منشور جديد منذ العام 2022، وكان ناشطاً جداً عليه قبل توقفه فجأة، حيث ينشر يومياته والصور والمقالات الصحافية.

ويظهر آخر منشور على حساب آخر متوقف منذ العام 2021، صورة يعلق عليها أنها من بيروت.

وفي حساب ثان كان تحديث عليه في 7 أيلول.

وعلى تطبيق “اكس” وجدنا أيضاً 6 حسابات، ولكنها كلها ليست ناشطة، وحساب واحد فيه بعض المنشورات عن مقالات صحافية وتعليقات سياسية، بينما بقية الحسابات بالكاد عليها منشورات.

ومن خلال وجود مقالات باسم تارتاكوفسكي في مواقع عدة، لا يمكن اعتباره معروفاً أو مشهوراً.

وأحد هذه المواقع هو Vision، الذي يعرّف عن نفسه بأنه مجلة ويب قائمة على المدونات، تقدم أفكاراً ومحادثات جديدة لبعض القضايا الأكثر إلحاحاً التي تواجه العالم اليهودي حالياً. وتعد المجلة منصة للمفكرين والمنظمين لتبادل الأفكار والخبرات والتحليلات والصور والقصائد ومقاطع الفيديو وغيرها من تعبيرات الإبداع الشخصي في منتدى مفتوح الوصول إليه. يمتلك كل مساهم حقوق المحتوى المنشور على الموقع، والمواقف المعبّر عنها على القنوات الفردية تعكس مواقف مؤلفيها وليس الرؤية ككل. وبينما تأخذ المجلة حياة خاصة بها، تقول: “نأمل أن نراها تعزز المجتمع والعلاقات بين المساهمين، وتقوي صوتنا الجماعي وتوفر الإلهام بينما نعمل على صياغة وسيلة أيديولوجية للمرحلة التالية من التحرير اليهودي”.

وتعرّف عن الكاتب جوشوا تارتاكوفسكي بأنه صحافي مستقل وتخرج من جامعة براون وكلية لندن للاقتصاد، حيث درس العلاقات الدولية. وعاش في أميركا اللاتينية والولايات المتحدة وأوروبا وآسيا. في الماضي، عمل في فريق الدفاع والأمن الدولي في منظمة الشفافية الدولية في لندن وتدرب في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا (سراييفو)، والمعهد العالمي للسياسة العامة (برلين) ومركز القدس للتنمية العامة والشؤون (إسرائيل). كما قام بالتدريس في أحد الأحياء الفقيرة في ريو دي جانيرو، وأنتج فيلماً قصيراً أجرى فيه مقابلات مع طلاب فلسطينيين في الضفة الغربية. زوّده النمو في إسرائيل والعيش في العديد من البلدان النامية بوجهات نظر غير تقليدية من القاعدة إلى القمة حول القضايا الملحة التي تدمج وجهات نظر مختلفة غالباً ما تظل غير مسموعة في البرج العاجي الأكاديمي. كما أنه يستمتع بتحدي المفاهيم المقبولة عموماً من خلال تقديم وجهات نظر أصلية، وقد كتب عن اليونان وتركيا وإسرائيل وأوكرانيا وروسيا. تم نشر مقالاته على Truth-Out، وAlterNet، وOff-Guardian، وAnti-war، وTelesur، وCounterPunch وغيرها، كما ظهر على RT وPress TV وهو مهتم بآفاق عالم متعدد الأقطاب.

يمكن ملاحظة تغير في أهواء تارتاكوفسكي السياسية من مقالاته ومنشوراته، بحيث انتخب الرئيس السابق دونالد ترامب في أول ولاية، ثم رفض انتخابه في ثاني ولاية كما يقول وأيد الرئيس الحالي جو بايدن، والآن يبدو أنه ضد كامالا هاريس ويؤيد ترامب مجدداً.

المقالات التي وجدناها له تبدو متعاطفة مع الفلسطينيين ومنتقدة لاسرائيل، عدا عن مقالات أخرى تحدث فيها عن أوكرانيا وروسيا.

ولكن على الرغم من مقالاته المتعاطفة، فان نشاطه على مواقع التواصل غريب جداً، وقد يكون فعلاً كما وصفه من يعرفونه بأنه غريب الأطوار، أو قد يكون هناك أمر آخر، والمؤكد أن الدولة اللبنانية لم تجرِ ما يكفي من تحريات وتحقيقات عنه، وأطلق سراحه بسرعة كبيرة.

محمد شمس الدين- لبنان الكبير

مقالات ذات صلة