بري «باع المعارضة من كيسا»…وهذه قصّة اتصال ستريدا جعجع بجنبلاط
حتى في خضم الحرب واشتعال الجبهات، يتقن رئيس مجلس النواب نبيه بري فن المناورة السياسية بامعان كبير، فالرجل صاحب الباع الطويل في السياسة اللبنانية، مواكب الحروب على اختلافها، ناسج التحالفات على امتدادها وصانع التوازنات، يعرف جيدا متى يضرب ضربته على قاعدة: « لا بزعّل الغرب ولا بعرقل بالداخل»…
وبالفعل فعلها بري، فها هو المفوض من حزب الله ملف التفاوض على وقف النار كما الملف الرئاسي، يخرج قبل ايام من لقاء ثلاثي في عين التينة، لينقل عنه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي انه مع انتخاب رئيس توافقي، وتمرير هذا الاستحقاق الآن اي قبل وقف النار.
ما فهمه كثر بانه تخلى عن المرشح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، بعدما كان نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب قد نقل عنه ايضا ومن على منبر عين التينة، بان رئيس البرلمان لم يعد متمسكا بشرط الحوار كقاعدة قبل جلسة الانتخاب.
ما هي الا ايام قليلة، حتى عاد بري نفسه ليؤكد باكثر من تصريح، ان سليمان فرنجية يمكنه ان يكون رئيسا توافقيا. فما الذي حصل؟ ومن بدل رأيه بعدما كانت «القوات اللبنانية» وعند الكلام عن رئيس توافقي، قد بادرت ايجابيا واصدرت بيانا معلنة استعدادها لتلبية الدعوة لاي جلسة تثمر رئيسا توافقيا، قبل ان تعود وتؤكد بعد كلام بري عن فرنجية، ان من يعرقل الانتخابات الرئاسية هو من عاد ليضع شروطا تعجيزية.
وفي هذا السياق، تكشف مصادر مطلعة على جو «القوات» انها كانت تعاملت بكل ايجابية مع اعادة تحريك الملف الرئاسي وما صدر عن عين التينة، بعدما ازال بري حاجز الحوار واكد على الرئيس التوافقي، الا ان «القوات» عادت وتفاجأت بالشروط التي يتحدث عنها بري، واساسها ان فرنجية قد يكون رئيسا توافقيا، كما وجوب تأمين ال86 صوتا للانتخاب، ما يعني عمليا حوارا مبطنا ، والعودة لربط انتخابات الرئاسة بوقف الحرب على غزة، والذي عبر عنه بشكل واضح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية امس بعد لقائه بري.
وتتابع مصادر «القوات» بان زيارة فرنجية لعين التينة وكلامه، اتى ليؤكد انه مستمر حتى الساعة في ترشحه، وان بري لا يزال يدعمه كما قال، وبانه لا يجوز استباق نتائج الحرب، ما يعني عمليا انه لا يجب اجراء انتخابات قبل وقف الحرب، اضافة الى ضرورة ان يحمي اي رئيس مقبل ظهر المقاومة، قبل ان يعلن انه في حال تم التوافق على قائد الجيش، فلا مشكلة عندئذ بالسير به، علما ان هذه العبارة الاخيرة هي بحد ذاتها رسالة موجهة لرئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل بحسب مصدر موثوق به.
هذا الكلام قرأت فيه مصادر «القوات» انه فرملة لكل ما قيل عن حراك متسارع لتمرير الرئيس اليوم قبل غد.
وعما يقال ان «القوات» هي التي فرملت الاندفاعة، باعتبار انها تتمنى الانتظار ريثما تنتهي الحرب ايمانا منها بهزيمة حزب الله، وبالتالي بامكانها فرض شروطها الرئاسية كما الرئيس الذي تريد، ردت مصادر «القوات» بالقول: « اذا كان الامر كذلك، فليدع الرئيس بري لجلسة، ومن يخرج من الدورة الثانية يكون متآمرا مع «اسرائيل». وتابعت المصادر: «يجربونا».
وتشير المصادر الى انه يبدو ان من اتى من الخارج فرمل اندفاعة بري. في اشارة الى زيارة وزير الخارجية الايراني بيروت والذي اعاد ربط ساحة لبنان بغزة.
ولكن ما دقة ما نقل عن ان النائبة ستريدا جعجع التي كانت اتصلت في الايام الماضية بعيد اغتيال السيد الشهيد حسن نصرالله برئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط، ناقلة له رسالة بوجوب ان يسير حزب الله اليوم بالرئاسة ، كيلا يخسر اكثر بالمرحلة المقبلة»، واليوم افضل من بعدين». تجيب المصادر المطلعة على جو «القوات» بان الاتصال حصل، لكن موضوعه الاساس لم يكن الملف الرئاسي، انما على خلفية اشكالية كانت حصلت في الشويفات تتعلق بآل حدشيت، ولكن في اطار المكالمة تم التطرق الى الملف الرئاسي، وقالت جعجع ما مفاده «بان اليوم لا يزال هناك امكانية للاتيان برئيس للجمهورية، واليوم اسهل من الغد»، فرد جنبلاط بحسب المعلومات بالقول: «يجب انتخاب رئيس والقصة عند الرئيس بري».
اما على خط اوساط متابعة لحركة الاتصالات واللقاءات التي اعقبت لقاء عين التينة الثلاثي، فتشير الى انه من غير الصحيح ان بري قصد بكلامه عن الرئيس التوافقي منذ اللحظة الاولى تخليا عن فرنجية، واكبر دليل هو ما كان نقله عنه بوصعب من عين التينة عند الحديث عن مرونة بري بالتخلي عن شرط الحوار، فسئل عندئذ نائب رئيس مجلس النواب: هل هذا يعني تخليا عن ترشيح فرنجية، ليرد الاخير جازما: اطلاقا، فكل الاسماء لا تزال قوية ومطروحة.
وتتابع الاوساط المتابعة، بانه عندما يتحدث الرئيس بري عن وجوب تأمين ال86 صوتا، فهذا يعني عمليا حوارا لتوفير هذا النصاب والاصوات، ما يعني ان بري «باع المعارضة من كيسا».
وتكشف الاوساط ان لا رئيس في لبنان قبل وقف اطلاق النار ووقف العدوان على لبنان كما غزة، لا سيما ان مصدرا موثوقا به مطلعا على جو حزب الله اوضح انه عندما يقال ان الاولوية هي لوقف العدوان، فهذا لا يعني فصلا للجبهات، بل وقفا للعدوان في لبنان كما غزة.
وعما اذا كان الحزب مستعدا لتمرير رئيس للجمهورية راهنا قبل وقف النار، يجزم المصدر : اولوية الحزب بمكان آخر، فهي للتصدي للعدوان وافشال مخططه. ما يعني عمليا ان لا رئيس ولا من يرأسون راهنا. ولو ان المعلومات تؤكد ان هناك عملا جادا بالكواليس، لتأمين توافق ال86 صوتا على اسم للرئاسة، الا ان هذا الامر لا يعدو كونه حتى الساعة، الا جهودا وحركة بلا بركة.
وفيما حكي الكثير عن ضغط اميركي للاتيان بقائد الجيش الآن رئيسا للجمهورية ، فتجزم اوساط متابعة، بان عون قد يكون الخيار الاول على طاولة «الخماسية»، لكن الاكيد انه ليس كذلك بالداخل اللبناني، كما ان الحديث عن ان اسهم اللواء البيسري او العميد جورج خوري تتقدم باعتبار انها اسماء قد تحظى بشبكة توافق داخلية اكبر من عون نفسه، هي اخبار غير دقيقة. والارجح الا يكون هناك حظوظ للجنرالات الثلاثة تماما، ولا شيء يشير اصلا الى رئيس قبل وقف النار.
الديار