زمن الحوار ولّى… ونصاب الـ86 مأزق جديد : هل يُنتخب الرئيس والجبهات مشتعلة؟

حلحلة حقيقية، لمسها كل من إلتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، فبعدما كان التمسك طيلة الأشهر الماضية بالحوار أو التشاور ومشتقاته تحت قبة البرلمان، تبدّلت الطروح في زمن الحرب الشاملة التي تطال كل لبنان، ولم يعد الحوار المدخل لانتخاب رئيس للجمهورية، بل بات الحديث المتجدد مرتبطاً بموافقة أكثر من 86 نائباً على الدعوة الى جلسة الانتخاب.

وعند الحديث عن الــ86 كنصاب تجب الإشارة الى إمكان تعويم قائد الجيش جوزيف عون للرئاسة، مع العلم أن انتخابه بحاجة الى تعديل دستوري، ولكن هذا التعويم يأتي نتيجة أسهمه الرئاسية المرتفعة أكثر من أي وقت مضى، خصوصاً أن هذه المرحلة تحتاج الى رئيس مطلع على الشق العسكري بالتزامن مع الحرب القائمة، والطرح الذي يلي العماد عون مرتبط بالمدير العام للأمن العام بالانابة اللواء الياس البيسري.

وبعدما كان مطروحاً منذ فترة إمكان موافقة “القوات” على التشاور في مكتب الرئيس بري وليس في قاعة المجلس، مع ضمانة عدم تعطيل النصاب في الدورة الثانية للجلسة، يبدو أن هذا الطرح لم يلد يتيماً، خصوصاً وأنه لا يزال يحكى عن إمكان تطبيقه في الكواليس بين الجهات المعنية.

وصحيح أن الحزب “التقدمي الاشتراكي” عاد ليجول مجدداً على القوى السياسية، الا أن “التيار الوطني الحر” وفق معطيات “لبنان الكبير” جدد تحركه، خصوصاً أنه يحمل في جعبته ثلاثة أسماء للرئاسة، واليوم يحاول التفاهم مرة جديدة مع المعارضة عليها، لذلك التقى بالأمس عضو تكتل “لبنان القوي” النائب جورج عطا الله عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب فادي كرم بعيداً عن الاعلام، وفي السياق نفسه، زار عضو “لبنان القوي” النائب ادي معلوف حزب “الكتائب اللبنانية”.

وأشارت أوساط “الاشتراكي” عبر “لبنان الكبير” الى لمس حلحلة حقيقية لدى الرئيس بري.

وعن إمكان الحوار في مكتب الرئيس بري، أوضحت الأوساط أن “طرح القوات التشاور في مكتب الرئيس بري ليس بعيداً”، مؤكدة أن “لا نقاش في الأسماء حتى اللحظة”.

في المقابل، رأت مصادر مطلعة على اللقاءات التي تُعقد، عبر “لبنان الكبير” أن “ليس هناك أي جديد، ونصاب الـ86 عبارة عن نكتة، خصوصاً أن هذا الرقم بحاجة الى كتل تتفق عليه، ليبقى الأهم من بمقدوره أن يأتي بهذا الرقم؟ أي مرشح اليوم يؤمن الـ86 صوتاً؟ وبالتالي كل ما يحدث عبارة عن تنظير وليس هناك شيء”.

وحول تأمين الـ86، أكد عضو تكتل “لبنان القوي” جورج عطا الله في حديث عبر “لبنان الكبير” أن “الـ86 لتأمين النصاب، نبحث عن رئيس أجل، هذا الكلام سمعته من الرئيس بري منذ خمسة أشهر، وعادت الظروف لتجعله يتريث، كنا نحاول أن نجد 86 نائباً نقنعهم بالحوار ليأتوا الى المجلس وينتخبوا الرئيس، وهؤلاء لم نرهم في الحوار، اليوم ندعوهم الى المجلس، ومسؤولية بري الوطنية حتمت عليه الخروج بحل، ودعاهم الى المجلس، ولكن هناك علامات استفهام، هل سنتمكن من تأمين 86 نائباً في المجلس؟ هذا السؤال الاهم”.

وأضاف: “حتى هذه اللحظة، لا تأكيد بالحصول على 86 في المجلس، هناك فئة متضررة من الذهاب اليوم لانتخاب رئيس للجمهورية، وليس الحزب بل من ينتظرون أن الحزب انتهى والمرحلة المقبلة أن يقوموا بما يريدون، من قال ان هناك تأميناً لل 86؟”.

وعن زيارة “التقدمي” في الساعات الماضية، اعتبر أن “شيئاً لم يتغير ان زاروا الرئيس بري، خصوصاً وانهم زاروه من قبل وكذلك زاروا القوات، وما مشي الحال”.

اما بالنسبة الى عدم وجود أي حلحلة حقيقية، فشدد عطا الله على “أننا نسعى الى إيجاد 86 نائباً، لديهم العقل نفسه الذي يقول فلنذهب في هذا الظرف الاستثنائي لننتخب رئيساً قادراً على التحمل، وأن تكون لدينا حكومة أصيلة يمكنها التحدث مع العالم ورئيس قادر على التفاوض مع العالم، ونحن كتيار رأينا منذ عشرة أشهر أن الوضع استثنائي، لكن غيرنا راَه اليوم، ويقول تأخرتم كثيراً! من انتظر كل ذلك الوقت، ينتظر أيضاً لأنه غير مضطر الى الانتخاب اليوم”.

وعن قصد “القوات اللبنانية” من هذا الكلام، قال عطا الله: “إذا بدك، هناك من يعتقد نفسه منتصراً اليوم وهو غير مستعجل”.

وعن صاحبي الأسهم الأكبر أي قائد الجيش واللواء البيسري، وامكان السير بأحدهما، أشار عطا الله إلى “أننا اليوم سننزل الى المجلس وسنبقى جالسين فيه، ونحضر كل الجلسات ونصوّت للاسم الذي نراه مناسباً هذا ما نؤكده، وصحيح هما من الأسماء الموجودة، ولكن الى جانبهما هناك ثلاثة أسماء أخرى حظوظها متشابهة مع حظوظ الأول والثاني، وفي أول جلسة ستسمعون الأسماء الثلاثة، وبالتالي عندما نرى من لديهم الأصوات الأكثر، نعود ونرى من المتبقي من الاسمين وليس من سميتهما”.

أما النائب المستقل، غسان سكاف، فرأى أن “التنازل عن الحوار هو لتسهيل الانتخاب وفتح نافذة لادارة الأزمة الرئاسية، نجتمع مع الرئيس بري بعيداً عن الاعلام، وبعد يومين لدي اجتماع آخر معه، ولكن ما يبحث اليوم هو الـ86 صوتاً، كي يأتي الرئيس توافقياً لا يشكل تحدياً لأحد، وقادراً على أن يحكم ويؤلف حكومة بسرعة، لأن ليس لدينا متسع من الوقت، وبالتالي الـ86 صوتاً، ستكون كتلة كافية لإحداث شبه اجماع وطني، حول رئيس الجمهورية الجديد ورئيس الحكومة”.

وأوضح سكاف لـ”لبنان الكبير” أن “الاجتماع الثلاثي بالأمس يؤسس للمرحلة الجديدة التي نحن باتجاهها، وصحيح أنه كان هناك غياب مسيحي ولكن هذه كانت دعوة من المسلمين للشريك المسيحي لكي ينضم اليهم من أجل إنتاج توافق على رئيس جمهورية، وكانت بطريقة غير مباشرة دعوة للمسيحيين”، معتبراً ان “مواصفات هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان، ستفرض مواصفات الرئيس الواقعي لهذه المرحلة، وأعتقد أن هناك أكثر من إسمين، والبحث اليوم وما نقوم به انطلاقاً من مبدأ أن الرئيس الذي يجب أن يأتي لا يجب أن ينتخب بالـ65 صوتاً لذلك رئيس التحدي ورئيس الفريق الواحد لن يتسطيع أن يحكم”.

يبدو أن حلحلة الحوار باتت واضحة كثيراً، فيما المأزق بحسب المعنيين مرتبط بإمكان تأمين نصاب الـ86 لإنتخاب الرئيس، فهل سنتجه الى جلسة ينتج عنها إنتخاب رئيس؟ يبدو أن من الصعب الوصول الى هذا الحل في هذه المرحلة، ومن المستبعد أن يُنتخب الرئيس والجبهات مشتعلة.

لبنان الكبير

مقالات ذات صلة