العدوّ يلاحق الجنوبيين: إسقاط نظرية «الأمان» ولا ملاذات آمنة

من بين أهداف العدوان الإسرائيلي المتصاعد، إسقاط نظرية «الأمان» التي كانت تظلّل عدداً من المناطق اللبنانية. انهارت القلاع الحصينة تحت وطأة الغارات التي وحّدت دماء النازحين مع دماء المضيفين.

عصر أمس، سوّت غارة شنّتها طائرات العدوّ على مجمع سكني في عين الدلب، شرقيّ صيدا، المبنى بالأرض، فيما كانت داخله عشرات العائلات النازحة من العدوان الإسرائيلي على بلداتها في الزهراني وصور والنبطية، ما أدى إلى سقوط 24 شهيداً و29 جريحاً في حصيلة أولية. ومع تهاوي الطبقات العشر، تهاوى أيضاً وهم الأمان الذي تحصنت به صيدا ومحيطها خلال الإعتداءات السابقة.

وفي وقت متزامن أمس، شيعت بلدة بعدران (قضاء الشوف) الشهداء الثلاثة من أبنائها: دماء محمد تاج الدين وعادل شاذبك وجهاد باز، فيما شيّعت بلدة دير قانون النهر (قضاء صور) الشهيدين محمد وفادي قصير. وكان الشهداء الخمسة قد قضوا في غارة شنها العدو على بعدران في أعالي جبل الباروك، حيث لجأ الأخوان قصير (أكبرهما ستيني يملك محل مفروشات، والثاني عشريني عمل في تركيب الطاقة الشمسية) مع عدد من أقاربهما إثر تصاعد العدوان الإسرائيلي على الجنوب مطلع الأسبوع الماضي، ظناً بأن المنطقة خارج دائرة الاستهداف. وقضى في الغارة أربعة شهداء آخرين وجرح حوالي 100 شخص.

طلب الأمان أيضاً دفع المعلمة آمنة جفال وطفليها مجتبى وسكينة أخضر الهاربين من العدوان على بلدتهم جبشيت (قضاء النبطية) للجوء إلى منزل خضر رعد في بلدة جون الشوفية. لكنّ وهم الأمان لم يدم أكثر من يومين. فللمرة الأولى، أغار طيران العدو على جون مستهدفاً منزل رعد، ما أدى إلى استشهاده وزوجته زينب وطفليهما حسن وجفال وطفليها والسورية أريج بتوز التي تقيم في المبنى نفسه وطفليها قصي وريتال. دُفنت جفال وطفلاها في جبشيت، ونُقلت جثث آل بتوز إلى بلدة الصرخة في منطقة معلولا السورية، والتي غادرتها عام 2013 هرباً من عدوان «داعش» والتحقت بزوجها ووالدها وأعمامها الذين يقيمون في البلدة منذ نهاية التسعينيات.

وهم الأمان نفسه، جعل العشرات من أبناء حولا يتحملون مشقة الطريق من مجدل سلم وشقراء الى المعيصرة في كسروان. مطلع الأسبوع الماضي، ساروا في درب نزوحهم الثاني خلال عام واحد. وهذه المرة «قررنا أن نبتعد قدر الإمكان عن الجنوب والضاحية، ظناً منا بأننا نستطيع الابتعاد عن الموت» قال فراس فارس. لكن الوهم لم يستمر أكثر من يومين. غارة إسرائيلية دمرت مبنى يؤوي عائلات من حولا استضافهم آل عمرو من المعيصرة وقتلت 16 شهيداً من البلدتين، بينهم تسعة من آل حسين وقطيش، فضلاً عن ستة من أصحاب المنزل من آل عمرو. ومن بين الشهداء: سماح مزرعاني ابنة الشهيدة نصيفة مزرعاني التي قضت بقصف استهدف منزلها عند بداية العدوان. فيما لا يزال نجل سماح، أمير حسين (7 سنوات) مفقوداً تحت الركام. إثر الغارة، نزح أهل حولا للمرة الثالثة باتجاه بيروت وعكار وكسروان، أملاً بالنجاة مجدداً. أما الشهداء، فقد دفنوا وديعة في المعيصرة لتعذّر نقل جثامينهم الى حولا.

آمال خليل-الاخبار

مقالات ذات صلة