التعليم عن بُعد: آخر الدواء!

في ظلّ التطورات الأمنية والعسكرية وإشغال نحو 400 مدرسة رسمية بالنازحين وعشرات المدارس الخاصة وعدد من مباني الجامعة اللبنانية، أعلن وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الاعمال عباس الحلبي تعليق الدروس إلى الإثنين في 7 تشرين الأول، على أن تبقى الاجتماعات والتواصل مفتوحة وأن يتم تقييم الوضع ليبنى على أساسه قرار جديد.

من جهتها، تحضّرت المدارس الخاصة للانتقال الى التعليم عن بعد، وطلبت الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية من مديري المدارس، مع الجسم الإداريّ والتربويّ، البدء بالإعداد الإداريّ والتربويّ، من أجل معاودة محتملة للدروس انطلاقًا من يوم الإثنين المقبل بعد التشاور الضروري مع وزير التربية. فيكون التعلّم إما حضوريًّا وإمّا بشكل مدمج وإمّا إفتراضياً بشكل كامل، على ما يرتئي مدير المدرسة أو مديرتها، كلّ مدرسة وفق ظروفها وبالتنسيق الكامل مع مدارس المنطقة الواحدة.

وأكد الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب يوسف نصر أنه نقل وجهة نظره الى وزير التربية وعرض له الأسباب التي دفعته الى اتخاذ القرار، الذي تمنى عليه تمديد العطلة أسبوعاً إضافياً لانقشاع الرؤية ولإظهار التضامن الوطني، واتفق الحلبي ونصر على مزيد من التشاور، وإبقاء باب التواصل مفتوحاً حتى الأحد”.

في المقابل، أصبحت معظم المدارس الرسمية في المناطق الآمنة مقراً للنازحين، ولم يعد ممكناً إعادة فتح أبوابها أمام التلامذة، إذ يشير تقرير للجنة الطوارئ الحكومية إلى أن عدد النازحين بلغ 77100، يقيم نحو 20000 منهم في مراكز إيواء، أكثرها مدارس.

في ضوء ما سبق، كيف ينظر الاساتذة الى التعليم عن بعد، خاصة بعد تجربة “الاونلاين في فترة الحجر خلال جائحة كورونا وهل تؤدي الغرض التعليمي المرجو؟

نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض يؤكد لـ”المركزية” ان “التعليم اونلاين يجب ان يكون آخر الدواء. هناك وسائل عديدة قبل الوصول إلى هذا الخيار، لأن تجربتنا في التعليم عن بعد في فترة كورونا لم تكن مشجعة، والنتاج التربوي كان ضعيفاً جداً”.

ويرى محفوض ان “في المناطق الآمنة حيث لا حرب، وكل المؤسسات الاقتصادية مفتوحة من الصيدلية الى الفرن وغيرها، يجب ان تفتح المدرسة أسوة بغيرها من المؤسسات”، مشددا على ضرورة التعليم حضورياً في المناطق البعيدة عن المشاكل الأمنية”.

ويضيف: “حتى اولاد النازحين، الموجودين في هذه المناطق، يجب تحديد دوامات خاصة بهم، في المدارس الرسمية التي لم تستقبل نازحين بعد، وهذا ما طلبته من وزير التربية، وطلبت منه عدم “فش الخلق” بالقطاع التربوي، الذي دائماً “حيطو واطي”. ففي كل الأزمات الوطنية نلجأ الى المدارس الرسمية، رغم ان هناك أماكن أخرى كثيرة غير المدارس الرسمية. كما يمكن استخدام قسم منها للنازحين وترك قسم آخر للتعليم، وفتح دوامين قبل وبعد الظهر. قبل الظهر لأبناء المنطقة وبعد الظهر للنازحين. وان تفتح المدارس الخاصة أيضاً أبوابها وتعلّم تلامذتها حضورياً.

ويعتبر محفوض ان “ذهاب التلامذة للتعلم حضورياً في المدارس في المناطق الآمنة جزء من الصمود. جزء من الصمود ان يفتح الفرن والمصنع والمدرسة والصيدلية والمصرف.. لأننا لا نحارب العدو الاسرائيلي فقط بالبندقية. نحاربه بالقلم والإنتاج والمعرفة والتكنولوجيا، وكلما انتجنا صمدنا أكثر”.

ويتابع: “من المفترض، كما تمّ الاتفاق أمس مع وزير التربية، ان نمهله هذا الأسبوع. وهذا ما سنفعله، لكن في 7 تشرين المقبل من المفترض ان تفتح المدارس الخاصة والرسمية وتعلّم التلامذة حضورياً. في حال اضطررنا في بعض الأماكن حيث لا إمكانية لفتح المدرسة الرسمية بسبب الخطأ الذي ارتُكِب في بعض المحافظات والأقضية حيث امتلأت المدارس كلها بالنازحين، يمكن ان يتعلّم التلامذة اونلاين مع النازحين، ومن يستطيع التعلّم حضورياً فليلتحق بالمدرسة.

ويختم: بما ان خيار الحضوري متاح أمامنا للحصول على تعليم جيد، لِما اللجوء إلى الاونلاين. التعلم عن بعد يجب ان يكون آخر الكي ويبقى أفضل من لا شيء.

في حال تم ضرب او تعطيل المصنع او المستشفى يمكن فتحه بعد سنة، لكن في حال إقفال المدارس عام كامل نكون قد قضينا على جيل كامل للمستقبل. فكيف سيخرج هذا البلد من أزماته غير بالتربية والتعليم؟ فليعطوني سببا واحدا، في حال لم يذهب التلميذ الى المدرسة يجلعه مقاوما. ما يفيد المقاومين والمقاومة هو ان ننتج حيث يمكن ذلك، لأن في الانتاج نصمد. بدون المؤسسات الاقتصادية لا يمكن الصمود. وفي حال جعنا لا يمكننا دعم المقاومة”.

مقالات ذات صلة