الجنوب عالأرض… والبقاع احترق

في اليوم الثاني للاجتياح الجوي الاسرائيلي للبنان، سُوّي جنوبه بالأرض، وأحرق بقاعه، بحيث تم استهداف وسط القرى والمناطق بغارات عنيفة تسببت في مقتل أكثر من 500 شخص، وعلى الرغم من ذلك لم تخرج بيانات “حزب الله” عن أدبياتها، القائمة على “وحدة الساحات” وربط جبهة لبنان بغزة، باصرار على تجيير كل عملياته على “طريق القدس” و”دفاعاً عن فلسطين”، إلا أنه بدأ يضيف “ودفاعاً عن الشعب اللبناني” على البيانات، بينما كان النازحون الذين توزعوا على مراكز الايواء، التي أصبحت مكتظة أكثر من قدرتها الاستيعابية، يطالبون بكرامتهم.

وعلى الرغم من التصعيد الميداني، يستمر الحراك الديبلوماسي على صعيد الأمم المتحدة، الأمر الذي دفع برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي للذهاب الى نيويورك، والمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في محاولة لالتقاط فرصة التهدئة وخفض منسوب التوتر، وصولاً الى محاولة انتزاع ضمانة دولية تؤدي الى وقف تدريجي للتصعيد وتهيئة الأرضية السياسية والأمنية لتطبيق القرار الدولي ١٧٠١ بمندرجاته كافة، ومن الطرفين، ما يتيح عودة النازحين على جانبي الحدود.

الا أن الآمال تفوق التوقعات، وهدف المجتمع الدولي الضغط على الحكومة اللبنانية لفصل جبهة الجنوب عن غزة، وما كلام الرئيس الأميركي جو بايدن الذي اعتبر فيه أن “حزب الله هو المعتدي” إلا دليلاً على ذلك، والرئيس ميقاتي غير مخوّل إعطاء التزام بالفصل بين الميدانين، فالقرار هو بيد “حزب الله”، الذي حسم أمره بعدم الفصل وقبول التحدي وبدء “الحساب المفتوح”.

تصاعد وتيرة الغارات
اذاً، تصاعدت الحملة العسكرية الجوية الاسرائيلية على لبنان، مع تراجع في عدد الضحايا الناجم عن النزوح الكثيف لأهالي الجنوب، بينما وصل عدد ضحايا الغارات التي استهدفت مناطق في الجنوب والبقاع، يوم الاثنين، إلى 569 قتيلاً وأكثر من 1835 جريحاً. وتواصل التصعيد بحيث نفّذ الجيش الاسرائيلي عملية اغتيال جديدة في الضاحية الجنوبية استهدفت قائد منظومة الصواريخ في “حزب الله” إبراهيم قبيسي.

وقالت وزارة الصحة إن 6 أشخاص قُتلوا على الأقل، وأصيب 15 آخرون، في الغارة التي استهدفت، الثلاثاء، “طابقين من مبنى في منطقة الغبيري” في ضاحية بيروت الجنوبية، في شارع سكني يكتظ بالسكان، ما أدى إلى دمار كبير في المنطقة، وانتشرت مقاطع فيديو تظهر أشلاء القتلى. واستُقدمت رافعة لإخراج السكان من شققهم، ورفع السيارات المتضررة من المكان، وسط انتشار لعناصر الدفاع المدني والقوى الأمنية وعناصر من “حزب الله”.

الميدان
ولم يهدأ القصف الاسرائيلي منذ صباح الاثنين مستهدفاً بلدات في جنوب لبنان الذي سويت أحياء كاملة في قراه بالأرض، وكذلك في شرق لبنان، حيث سُجّلت حركة نزوح غير مسبوقة، في وقت كثّف “حزب الله” عملياته معلناً أنه استخدم الصاروخ الجديد “فادي 3” في هجوم على قاعدة عسكرية إسرائيلية، بعدما كان قد استخدم “فادي 1″و”فادي 2″، وهي طرازات مطورة من صاروخ “خيبر” الايراني، بينما أعلن عن إطلاق نحو 350 صاروخاً من طرازات مختلفة على إسرائيل.

وكشف الحزب في بيان استهدافه “قاعدة شمشون، وهي مركز تجهيز ‏قيادي ووحدة تجهيز إقليمية” بصواريخ “فادي 3″، بعدما كان قد أعلن ليلاً إطلاق مزيد من صواريخ “فادي 2” في اتجاه إسرائيل.

وفي بيانات متفرقة، أعلن الحزب عن استهدافه قاعدة “دادو” بـ50 صاروخاً، و”مصنع متفجرات بعمق 60 كيلومتراً داخل الحدود الاسرائيلية”، و”مخازن لوجيستية للفرقة ‏‏146 في قاعدة نفتالي بصلية صاروخية”، إضافة إلى مطار مجيدو العسكري 3 مرات بصليات من صواريخ “فادي 1” و”فادي 2″، ومصنع آخر للمواد المتفجرة في منطقة زخرون التي تبعد عن الحدود 60 كيلومتراً بصلية من صواريخ “فادي 2”.

وكان الجيش الاسرائيلي أعلن أمس، أنه قصف ليلاً “عشرات الأهداف العائدة إلى حزب الله في مناطق عدة في جنوب لبنان”. وقال المتحدّث باسم الجيش أفيخاي أدرعي، إنه على مدار الساعات الأربع والعشرين الأخيرة هاجم “أكثر من 1300 هدف إرهابي تابع لحزب الله في أنحاء لبنان، وما زلنا نشن الغارات، وستتواصل”.

وأضاف عبر حسابه على منصة “إكس”: “ضربنا قدرات استراتيجية امتلكها حزب الله، ووضعها في قلب القرى وفي قلب منازل مدنية كان ينوي إطلاقها لاستهداف مواطني دولة إسرائيل”. وجدد تحذير “السكان اللبنانيين الذين غادروا وابتعدوا عن هذه المنشآت وهذه المنازل التي احتوت أو لا تزال تحتوي على أسلحة، حتى لا يعودوا إليها، لأنها أماكن خطيرة قد تنفجر فيها المتفجرات، وقد تُقصف لاحقاً من جديد”.

إسرائيل
وفيما تستمر الحرب، نقلت صحيفة “هآرتس” عن مسؤولين أمنيين اسرائيليين أن الجيش يتابع بقلق قدوم نحو ٤٠ ألفاً من سوريا والعراق واليمن إلى الجولان وينتظرون دعوة نصر الله للقتال. واعتبر هؤلاء أن “وجود المقاتلين أمر خطير وسنتدخل في سوريا لنوضح للأسد أننا لن نقبل وجودهم بهذا المكان”.

وكشفت الصحيفة نقلاً عن مصادر أخرى أن نقل الضغط إلى “حزب الله” يوضح أن إسرائيل تخلت عن محاولة إسقاط “حماس” واستعادة الرهائن، وقد عرض رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في المشاورات الأمنية الأخيرة تغييراً في تصوره المتعلق بما يحدث في غزة، بأن الضغط على “حزب الله” سيؤدي الى تحقيق مكاسب في القطاع.

لبنان الكبير

مقالات ذات صلة