لهذا السبب سيزور لو دريان لبنان.. ماذا عن الرئاسة؟

ينتظر الجميع زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان المرتقبة الأسبوع الطالع الى لبنان، سيما وأنّها تلي الهجوم الإلكتروني على أجهزة الإتصال في لبنان يومي 17 و18 أيلول الجاري، وما تلاه في 20 منه من اغتيال القائدين العسكريين ابراهيم عقيل وأحمد وهبي و14 مجاهداً في الضاحية الجنوبية لبيروت، من دون البناء كثيراً على نتائجها. فلودريان، قد لا يحمل معه جديداً، على ما يُتوقّع من زيارته، لأنّ أكثر ما يهمّ فرنسا في هذه المرحلة بالذات هو “ضرورة تجنّب اتساع خطر نشوب حرب مفتوحة بين لبنان و”إسرائيل” جرّاء التصعيد الأخير”، على ما شدّد مندوب فرنسا لدى مجلس الأمن نيكولاس دي ريفييرا، في الجلسة التي عُقدت الجمعة الفائت لبحث التطوّرات الأخيرة في لبنان، لما لهذا الأمر من تداعيات خطيرة على المنطقة ككلّ.

وتقف فرنسا في الوسط، على ما ترى مصادر سياسية متابعة، أي أنّها تُحاول لعب دور الحَكَم، ولهذا تُطالب “إسرائيل” بالتحلّي بأقصى درجات ضبط النفس، وحزب الله بوقف هجماته العسكرية عليها. وهذا ما سيتحدّث عنه لودريان خلال محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين، أي في الملف الأمني، أكثر من البحث في الملف الرئاسي الذي كاد يعود تدريجاً الى الواجهة على الساحة السياسية قبل الإعتداءات “الإسرائيلية” الوحشية وغير المسبوقة الأخيرة على لبنان التي طالت المدنيين.

لكن هذا لا يعني بأنّ الموفد الفرنسي لن يُناقش الملف الرئاسي، على ما أوضحت، بل سيُثيره مع المسؤولين ويحثّهم على الذهاب الى انتخاب الرئيس، خصوصاً وأنّ فرصة الإلتفاف الوطني تبدو سانحة اليوم. وعلى القيادات والشخصيات السياسية والكتل النيابية تلقّفها، لا سيما بعد المشهد الوطني الجامع الذي شهدناه خلال تقديم واجب التعازي للنائب علي عمّار باستشهاد نجله مهدي كونه كان من حاملي أجهزة “البيجر” التي قامت “إسرائيل” بتفجيرها.

وأكّدت المصادر نفسها بأن لودريان سوف يدعو من لبنان جميع الأطراف الى وقف الأعمال العدائية فوراً، على ما ينصّ عليه القرار الدولي 1701 الذي جرى الإلتزام به منذ العام 2006، حتى 7 تشرين الأول الماضي، والسعي نحو التهدئة. فضلاً عن ضرورة تطبيق كامل بنوده ومندرجاته، لأنّ من شأنه ضمان أمن السكّان عند الحدود الجنوبية لدى الجانبين، وعودتهم بالتالي الى منازلهم. غير أنّ عودة حزب الله الى الحلّ الديبلوماسي، قد يكون صعباً في المرحلة الراهنة، لا سيما قبل الردّ على الهجوم الإلكتروني، وعلى اغتيال عقيل ووهبي وبقية المجاهدين.

فحزب الله، على ما ذكّرت، قام باحتواء اغتيال القيادي فؤاد شكر منذ شهرين في الضاحية الجنوبية، وضرب الوحدة الإستخباراتية “الإسرائيلية” 8200، كردّ قوي على هذا الإغتيال من دون أن يُصيب أي من المدنيين، في خطوة مدروسة، إذ لم يسمح لـ “إسرائيل” بجرّه الى حرب مفتوحة، على غرار ما فعلت في حرب تمّوز 2006. وجميع الموفدين الدوليين يُطالبون لبنان والحزب بعدم التصعيد، وكان الحزب يلتزم الخطوط الحمراء لعدم جرّ لبنان والمنطقة الى حرب شاملة، الى أن جرى الإنتقال أخيراً الى “مرحلة جديدة”. في الوقت الذي تقوم فيه “إسرائيل” بعملياتها العسكرية في الضاحية وفي جميع المناطق اللبنانية من دون الإلتزام بالقوانين والمواثيق الدولية المتعلّقة بحقوق الإنسان، بل بجرائم حرب جماعية ضدّ الإنسانية تستهدف آلاف المدنيين، ولا تتمّ إدانتها عليها في مجلس الأمن.

من هنا، لن يعود لودريان بأي ضمانات من حزب الله عن عدم التصعيد، على ما أشارت المصادر السياسية، بعد الإعتداءات الأخيرة التي طالته بالصميم. الأمر الذي يُحتّم على الدول الصديقة للبنان بالسعي لدى “إسرائيل” لوقف عملياتها الإجرامية التي تطال المدنيين في لبنان، لا سيما مع وصول عدد الشهداء في الإعتداءات الثلاثة الأخيرة الى نحو 70 شهيداً، الى جانب عدد كبير من المفقودين، وإصابة الآلاف، وفقدان الكثير من الجرحى عيونهم وأيديهم وأطرافهم، بينهم حالات حرجة. وتجد بأنّها في نهاية الأمر لن تُحقّق الهدف المُعلن من قبل “الإسرائيلي”، وهو إعادة السكّان الى المستوطنات الشمالية. فمن الواضح، على ما شدّدت، بأن لا عودة لهؤلاء، قبل وقف الحرب في قطاع غزّة، ووقف المواجهات العسكرية جنوباً، وعودة سكّان الجنوب الى قراهم.

يبقى القول إنّ لودريان سيُشجّع المسؤولين اللبنانيين، على ما لفتت المصادر، على التجاوب مع تحرّك سفراء “الخماسية” الذي من المتوقّع أن ينطلق مجدّداً. ولكن لا بدّ من انتظار ردّ “حزب الله” على اعتداءات “إسرائيل” أولاً، وعودة بعض من الهدوء الى الوضع الأمني في الداخل. الأمر الذي قد يطول قليلاً، لا سيما مع الخطة التي اتخذتها الولايات المتحدة الأميركية أخيراً وتتضمّن إجلاء 50 ألف مواطن أميركي ومُقيم وعائلاتهم من لبنان الى قبرص، رغم أنّها بحسب مسؤولين أميركيين، “لا تتوقّع غزواً إسرائيلياً وشيكاً للبنان”. أمّا إذا استُكمل التصعيد، من خلال تفجيرات جديدة، لا سمح الله، فسوف يتراجع سفراء “الخماسية” عن تحرّكهم، في انتظار ظروف أكثر ملاءمة.

دوللي بشعلاني- الديار

 

مقالات ذات صلة