الحزب مكشوف أمنياً… والسبب الحرب السورية
ثلاث ضربات قاسية تلقاها “حزب الله” منذ يوم الثلاثاء، تفجير اسرائيل أجهزة الـ”بايجر”، ثم أجهزة اللاسلكي في اليوم التالي، واستهداف القيادي الكبير في الحزب ابراهيم عقيل في غارة شنتها على منطقة الجاموس قرب مجمع القائم أمس. وسبق هذه الضربات اغتيال 7 قيادات بينهم رئيس أركان “حزب الله” فؤاد شكر بضربة في الضاحية الجنوبية أيضاً.
أبرز صفة لصيقة بالحزب منذ تأسيسه كانت السرية، اذ يعمل بأسلوب حرب عصابات، وحدات تنتهج عمل “الذئب المنفرد”، لا يمكن استهدافها جميعاً، بحيث تنتشر على مساحات واسعة من الجبهة، وقد أثبتت هذه الطريقة نجاحها مع الحزب لا سيما في حرب تموز 2006، وحققت انجازات كبيرة أبرزها مجزرة “الميركافا” الشهيرة التي هزت صورة الجيش الاسرائيلي بصورة غير مسبوقة.
وبقي الحزب “البعبع” الذي هزم الجيش الذي لا يقهر يلتزم بالسرية حتى دخل في أتون الحرب السورية، حيث اضطر هناك إلى التحول لشبه جيش نظامي، بغية قتال المجموعات المسلحة التي كانت تنتهج حرب العصابات مثله، وتوسع جسم الحزب بصورة كبيرة خلال الحرب، وتمكن من تحقيق انجازات ضخمة أيضاً، إلا أن هذه الحرب وعلى الرغم من انتصاره فيها، قد تكون السبب في الضربات القاسية التي يتلقاها من اسرائيل في حرب “الاسناد”، بحيث اضطر العديد من قياديه إلى إدارة المعركة على الأرض، لأنه لم تكن هناك بنى تحتية للحزب كالأنفاق والمنشآت التي عادة ما يستعملها الحزب في جبهة جنوب لبنان. وخلال كل فترة الحرب السورية كانت المسيرات الاسرائيلية والأميركية ودول أخرى تسرح وتمرح في الأجواء، ترصد وتصور وتجمع قدر ما يمكنها من المعلومات عن عناصر الحزب وقيادييه.
وفي هذا السياق، تعترف مصادر قريبة من “حزب الله” بأن غالبية مصائب الحزب اليوم هي بسبب الحرب السورية، لافتة إلى أن دوائر الحزب على كل المستويات تناقش الأمر في ما بينها.
وتقول المصادر لموقع “لبنان الكبير”: “حتى التراخي والاستهتار الأمني الذي أوصلنا إلى هنا، مرده إلى الحرب السورية، وهو يصبح قاتلاً عندما تكون المعركة مع العدو الاسرائيلي الذي يختلف بصورة كبيرة عن العدو التكفيري، فاسرائيل متفوقة تكنولوجياً واستخباراتياً، والاستخفاف بها يؤدي الى أخطاء مميتة، بل إن نجاح المقاومة في كل مراحل قتالها مع العدو الاسرائيلي هو بسبب معرفتها قدرته العالية، وبالتالي كان عناصر المقاومة على أهبة التيقظ عند القتال، إلا أن منهجية القتال في سوريا والتي يمكن اعتبارها سهلة جداً مقارنة بالقتال على جبهة جنوب لبنان قد تكون تسببت في نوع من التراخي لدى عناصر المقاومة، وهي تدفع ثمنه”.
بالاضافة إلى ذلك، تجدر الاشارة إلى تغير شكل الحروب، فهي لم تعد بالرصاص والقذائف والصواريخ بل أصبحت بالتفوق التكنولوجي والسيبراني، لا سيما لجهة “الدرونات” التي تأخذ أشكالاً صغيرة جداً حتى حجم النحلة، فضلاً عن تطور الذكاء الاصطناعي، الذي تتمكن برمجياته من تحديد والتقاط اشارات وأسماء وأصوات وصور، وتحليلها وجمع المعلومات بشكل أكثر دقة.
ومما لا شك فيه أن اسرائيل، وتبادلها التقنيات مع حلفائها الذين يعتبرون من الأكثر تقدماً على الصعيد التكنولوجي، جعلها في موقع متقدم على الحزب في التطور بفارق كبير.
وبما أن الحرب ليست شاملة، والحزب لا يقوم باستدراج العدو ونصب الكمائن المميتة له كما في حرب تموز، فالأفضلية هي لاسرائيل، كونها حرب الضربات الدقيقة التي تعتمد على الاستخبارات، علماً أن الحزب حقق نجاحات استخبارية كبيرة في هذه الحرب، الا أن اسرائيل أقوى استخباراتياً بالتعاون مع حلفائها الغربيين.
محمد شمس الدين