إسرائيل تعلن لاسلكياً بدء حرب لبنان الخامسة

تعتبر الاتصالات أهم عامل في الحروب، وإن استطاعت دولة ضرب نظام الاتصالات لجهة عدوة فهذا يعطيها أفضلية استراتيجية في الحرب. وعلى مدى اليومين الماضيين ضربت اسرائيل أجهزة اتصال لـ”حزب الله” على وقع نقل الثقل الحربي إلى الشمال، والاستعدادات لعملية حربية موسعة تنوي شنها على لبنان، معتبرة أن رد “حزب الله” على الهجمات اللاسلكية سيشعل الحرب، وقد رصدت المؤسسة الأمنية الاسرائيلية استعدادات غير عادية للحزب في جنوب لبنان.

ويبدو أن المستوى السياسي والعسكري في اسرائيل قد أيقن أن حرب لبنان الخامسة واقعة لا محالة. وقد شنت اسرائيل 4 حروب على لبنان حتى العام 2006: عملية الليطاني 1987، التي أدت إلى انشاء الحزام الأمني، عملية سلامة الجليل 1982، التي اقتلعت المقاومة الفلسطينية من لبنان، حرب عناقيد الغضب في العام 1996 التي خلصت إلى “تفاهم نيسان”، وحرب تموز 2006 التي فرضت القرار الأممي 1701.

وبعد سلسلة اجتماعات مع كبار قادة جيشه وأجهزته الأمنية ومستشاريه، قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في أول تعليق له بعد التفجيرات: “قلت سنعيد سكان الشمال الى منازلهم بأمان وهذا بالضبط ما نقوم به”. بينما أكد قائد القيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي أوري غوردين أن ادارة بلاده عازمة على تغيير الوضع الأمني في الجبهة الشمالية في أسرع وقت ممكن، مشدداً على أن القوات في أقصى استعداد لأي مهمة. فيما أشار وزير الدفاع يوآف غالانت إلى أن إسرائيل في بداية مرحلة جديدة في الحرب.

تفجيرات جديدة
اذاً، موجة جديدة من التفجيرات طالت أمس الأجهزة اللاسلكية “الوكي توكي” غداة تفجير أجهزة “البايجر”، وقد أدت في آخر حصيلة لوزارة الصحة إلى مقتل 20 شخصاً وإصابة أكثر من 450 آخرين.

وسجّل العدد الأكبر من الجرحى في ضاحية بيروت الجنوبية التي تضمّ مؤسسات “حزب الله” الاساسية، وتوزّع الجرحى الآخرون بين جنوب لبنان، وشرقه، في هجوم يعد من أقسى الضربات التي يتلقاها الحزب.

إسرائيل تستعد
وفي أول تعليق له بعد تفجير أجهزة لاسلكية بعناصر في “حزب الله”، قال نتنياهو: “قلت سنعيد سكان الشمال الى منازلهم بأمان وهذا بالضبط ما نقوم به”. ويأتي تصريحه عقب قول رئيس أركان الجيش الاسرائيلي هرتسي هاليفي خلال زيارة قام بها للقيادة الشمالية اطلع خلالها على الخطط الهجومية والدفاعية للجبهة مع الشمال إن “حزب الله” سيدفع “ثمناً باهظاً”.

أما الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري فقال: “نحن مصممون على تهيئة الظروف الأمنية التي ستعيد السكان إلى منازلهم. نحن مستعدون للقيام بكل ما يلزم لتحقيق ذلك”.

وأضاف: “لدينا الكثير من القدرات التي لم نفعلها بعد.. نحن نعد هذه الخطط للمستقبل. في كل مرة نعمل فيها عند نقطة معينة، تكون الخطوتان التاليتان جاهزتين بالفعل للتقدم بقوة إلى الأمام. يجب أن يكون الثمن لدى حزب الله باهظاً”.

وفي وقت سابق، أعلن وزير الدفاع الاسرائيلي تعليقاً على تفجيرات أجهزة اللاسلكي في لبنان، أن “إسرائيل في بداية مرحلة جديدة في الحرب”.

وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية أن الجيش الاسرائيلي، بعد أشهر من المناورات في قطاع غزة، نقل “الفرقة 98″، وهي فرقة نظامية من ألوية المظليين والكوماندوز إلى الشمال، وذلك على خلفية الهجوم غير المسبوق على لبنان. وأشارت الى أن “الأمر يتعلق بنقل الثقل إلى الشمال، وهو الأمر الذي ذكره وزير الدفاع يوآف غالانت سابقاً”.. وجاء نقل فرقة النخبة بحسب “القناة 13” في ظل تغير أهداف الحرب بعد أن أدرج مجلس الوزراء عودة سكان الشمال إلى منازلهم ضمن أهداف الحرب.

وتعتقد اسرائيل أن رداً من “حزب الله” على موجة التفجيرات ستكون مقدمة لحرب شاملة.

وقالت “القناة 12” إن الوزير غالانت أكد لمسؤولين أميركيين كبار في الأيام الأخيرة، بمن فيهم وزير الدفاع لويد أوستن، أن “الطريقة الوحيدة المتبقية لإعادة سكان الشمال إلى ديارهم هي العمل العسكري”.

وكان غالانت اتصل، بحسب موقع “والا”، بنظيره الأميركي قبل دقائق من تفجير أجهزة الاستدعاء (بايجرز) في لبنان، وأبلغه أن إسرائيل ستنفذ عملية صعبة في لبنان، رافضاً تزويد أوستن بمزيد من التفاصيل بشأن الهدف وكيفية التنفيذ.

وأكد الجيش الاسرائيلي أن قواته “تواصل عمليات الهجوم والدفاع” في مواجهة “حزب الله”، مشيراً الى “استكمال تدريبات لواءي 179 و769، خلال الأسبوع الجاري، تحضيراً لأي سيناريو في الجبهة الشمالية”. وقال إن هذه التدريبات “شملت محاكاة لمناورات في أراضي العدو، وإجلاء الجرحى من ساحة المعركة تحت النيران، وتنسيق عمليات القيادة لحماية المنطقة الشمالية”.

وكثفت قيادة الجبهة الداخلية نشر عناصرها في مناطق مختلفة في إسرائيل، بما في ذلك حيفا، وأصدرت تعليمات الى السلطات المحلية بتحديث الاجراءات والتأكد من الاستعداد لاحتمال التصعيد. وأبلغت بلديات وسط إسرائيل السكان بأنها أجرت تقييماً للوضع بعد التطورات الأمنية، وأنه يجب عليهم الانتباه إلى التغييرات عند الضرورة.

كما دعت خدمات الدم التابعة لخدمة الاسعاف الاسرائيلي “نجمة داود الحمراء” الاسرائيليين، وخصوصاً أصحاب فصائل الدم السلبية من جميع الفصائل، الى التبرع بالدم.

وأفادت “يديعوت أحرونوت” بأن المستويين السياسي والأمني في إسرائيل يعتقدان أن من الضروري الافادة مما حدث وإطلاق حملة شاملة في لبنان من شأنها تدمير قوة “حزب الله” الكبيرة وإبطالها، وهي فرصة للتأكد من أن “قوة الرضوان” وأسلحة “حزب الله” الثقيلة لن تعرض المستوطنات الحدودية للخطر على الفور من خلال هجوم على غرار ما حدث في 7 تشرين الأول.

وقال مسؤول أمني كبير: “نحن في مرحلة جديدة من الحرب”، مضيفاً: “لم نتوقف عن القلق ونبذل قصارى جهدنا لإعادة المخطوفين، لكن يجب أن نعيد سكان الشمال إلى منازلهم قريباً، وهذا هو تركيزنا الأساسي حالياً”.

لكن الشخصية البارزة نفسها أكدت أن إسرائيل يجب أن تأخذ في الاعتبار جميع أنواع العوامل الأخرى، وسيكون على رأسها الأميركيون.

وأكدت “يديعوت أحرونوت”: يمكن التقدير أنه لو كان هذا الأمر خاضعاً لاعتبار وقرار وزير الدفاع ورئيس الأركان وحدهما، لكنا بالفعل في منتصف هذه الحملة في عمق لبنان، لكن الأميركيين يعارضون، ولا يمكن لإسرائيل أن تتجاهل الطلب الأميركي، لأن شن حملة واسعة النطاق في لبنان قد يحتاج إلى المساعدة الأميركية إذا تدخلت إيران والعناصر الأخرى في “محور المقاومة الشيعية”.

وبحسب الصحيفة، ستنتظر إسرائيل أولاً كيف سيرد “حزب الله” على الأغلب، وهو الرد الذي سيكون بمثابة الخطوة الافتتاحية لحملة هجومية كبيرة تقوم بها، بما في ذلك مناورة للجيش الاسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية.

وقدرت مصادر إسرائيلية أن رد الفعل سيكون قوياً وغير عادي بطبيعته، وهناك احتمال كبير أن يكون مشتركاً بين إيران و”حزب الله”.

ويمكن الافتراض أن المناقشات حول هذا الأمر تجري بالفعل بين طهران وبيروت، لكن من غير المتوقع أن يكون توقيت الرد فورياً.

وتوقعت المصادر ضربة قوية ومفاجئة بالصواريخ وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار التي ستطلق على إسرائيل من جميع الاتجاهات، بما في ذلك صواريخ “حزب الله” الثقيلة المخبأة في مخابئ تحت الأرض، أو هجوم على منشأة أو منشآت إسرائيلية في الخارج مثل السفارات والمعابد اليهودية، وما إلى ذلك باستخدام السيارات المفخخة.

ورصدت إسرائيل، بحسب صحيفة “هآرتس”، إشارات الى استعدادات غير اعتيادية لـ”حزب الله” في جنوب لبنان. وأكدت الصحيفة أن المؤسسة الأمنية الاسرائيلية تقدر أن “حزب الله” سيشن عملية عسكرية على إسرائيل.

الى ذلك، تترقب الأوساط المحلية والاقليمية اليوم كلمة الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله التي ستتناول آخر التطورات.

لبنان الكبير

مقالات ذات صلة