إسرائيل تفجر لاسلكيات “الحزب”: بوابة لتغيير شكل المعركة… والاستعداد لحدث كبير!

فتح الإعلام الإسرائيلي تغطية سريعة ومباشرة، لمتابعة تطورات ما عدّها أكبر عملية اختراق نوعية منذ عقود، تمثلت في التسلل الإلكتروني إلى شبكة اتصالات “حزب الله” اللبناني، وصولاً إلى أجهزته اللاسلكية “بايجرز”، ومن ثم تفجيرها بطريقة أمنية “دقيقة”، ما أسفر عن ضحايا بالمئات، بين شهداء وجرحى.

ورغم صمت إسرائيل الرسمية وعدم تبنيها للحدث غير المسبوق، ومنع مجلس الأمن القومي الإسرائيلي للوزراء والمسؤولين في تل أبيب من التعليق على الحادثة، إلا أن مراسلين ومحللين إسرائيليين أفلتوا نسبياً من قيود الرقابة العسكرية. وبرزت إفادة لافتة قدمها محلل الشؤون السياسية للإذاعة العبرية الرسمية “مكان”، على الهواء مباشرة، كشف فيها أنه علِم من مصادر رسمية قبل وقوع تفجير أجهزة “حزب الله” اللاسلكية، بأن تغيير وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت، واستبداله بجدعون ساعر، هو أمر مُؤجل ولن يحدث في هذا الوقت؛ “لأننا في خضم حدث أمني كبير”.

واللافت أن المحلل نوّه بهذه النقطة، بقوله: “دعنا لا نقع في مطب الرقابة، لكن يمكن القول إنه إذا كان تفجير أجهزة حزب الله اللاسلكية عبارة عن عملية استراتيجية ستقود إلى عمليات متلاحقة، فإننا لن نشهد تغييرات سياسية في الحكومة الإسرائيلية”.

وتقود هذه المعلومة إلى التساؤل بشأن العلاقة بين الإيحاء بوجود خلافات عاصفة داخل الكابينت الإسرائيلي، والادعاء بتغيير غالانت، وبين موقعة انفجار أجهزة اتصالات “حزب الله”. فهل هي مجرد مناورة إسرائيلية لإيهام “حزب الله” وحلفائه بأن إسرائيل تسودها خلافات عاصفة، بهدف دفعه إلى الاسترخاء الأمني، واستبعاد تنفيذ إسرائيل عملية عاجلة ضد الحزب؟

ويحيل هذا التساؤل إلى استذكار العملية الإسرائيلية الخاصة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة في وضح النهار، خلال حزيران/يونيو الماضي، وتمكن فيها الكوماندوس الإسرائيلي بغطاء جوي، من استعادة 4 محتجزين إسرائيليين. ورصدت “المدن” حينها إشارة من أحد المراسلين العسكريين الإسرائيليين، مفادها أن إثارة خلافات كبيرة داخل مجلس الحرب الإسرائيلي، وتحديداً بين نتنياهو وغالانت، كانت عبارة عن وسيلة تضليلية، لإنجاح “عملية النصيرات” التي تم الإعداد لها سراً.

وقدّر مراسل تلفزيون “مكان” العبري الموجود قرب الجبهة الشمالية، أن الحدث بمثابة تغيير نوعي في القتال الجاري منذ نحو 11 شهراً بين الطرفين، وأنه بمثابة بوابة للانتقال إلى شكل آخر للمواجهة.

وقال المراسل بأن المعطيات تشير إلى أن انفجار أجهزة الاتصالات، بدأ أولاً في ضاحية بيروت الجنوبية، ثم توالت انفجارات متزامنة لتشمل أجهزة عناصر وقادة “حزب الله” الموجودين في مناطق لبنانية أخرى، وصولاً إلى سوريا. وأضاف أن الحدث جاء بعد تعالي أصوات إسرائيلية رسمية وغير رسمية في الأيام الأخيرة، بضرورة تغيير المشهد في الجبهة الشمالية.

وأشار مراسل “مكان” الميداني إلى إشارة مرفقة بصوت غريب صدر عن أجهزة “حزب الله” اللاسلكية، إلى جانب ارتفاع سريع في درجة حرارتها، وهو أمر قاد قاد إلى انفجار فجائي بأجهزة الاتصالات المستهدفة.

وسعت وسائل إعلام عبرية إلى استضافة خبراء في مجال التكنولوجيا، لفهم سيناريوهات تخمينية للاختراق، وما إذا كانت بطاريات الليثيوم في أجهزة اتصالات “حزب الله” هي نفسها التي انفجرت، أم تقنية أخرى موجودة فيها، عبر تسريبها ضمن القطع الخاصة بهذه الأجهزة، قبل تجميعها، وإيصالها إلى الحزب.

واعتبر المراسل نفسه، استناداً إلى مصادر عسكرية، أن خطورة العملية تكمن ليس في الإصابات التي نتج عنها، وإنما في “إخراج حزب الله عن الخدمة والعمل، والتسبب بإحراجه”، متسائلاً: “متى سيعود الحزب إلى الخدمة؟ وما هي الخطوة التالية؟ هل هي إيذان بتوسع المعركة؟” وهل تشكل حدثاً متدحرجاً؟”.

واستطرد مراسل “مكان” قائلاً أن الحادثة جاءت بعد استنفاد إسرائيل كل وسائلها العسكرية لـ”ردع حزب الله” من دون نتيجة.

ونوه التلفزيون العبري الرسمي بأنّ الحدث جاء بعد ساعات من اجتماع الكابينت الإسرائيلي، وقراره بتغيير المعادلة في الجبهة الشمالية، مشيراً إلى أنه سبقت ذلك نقاشات أمنية سرية أجراها الموساد مع نتنياهو عشية موقعة الاختراق الأوسع، وهي إشارات اعتبرها بعض المحللين الإسرائيليين، دليلاً على ضلوع إسرائيل في ما جرى رغم صمتها الحذر. في حين وصف جنرالات الاحتياط في الجيش الإسرائيلي ما حدث، خلال استضافتهم على شاشات التلفزيون العبرية، بمثابة “إنجاز استخباراتي عملياتي لوجيستي من الطراز الرفيع”.

وادّعت صحف عبرية أن حالة بلبلة وصدمة يعيشها قادة وعناصر “حزب الله” في هذه الأثناء، جراء ما وصفته “الحدث الأكبر” في تاريخ المواجهة، لكن بعضها لم يحسم ما إذا كانت العملية إسرائيلية خالصة أم أميركية، أم مشتركة. ووصفت أقلام إسرائيلية الواقعة، بأنها بدت وكأنها مأخوذة من فيلم هوليوودي، تم تطبيقها على أرض الواقع.

من جانبه، قال الجنرال في الاحتياط الإسرائيلي، سليم وهبي، للتلفزيون العبري، أنه بناء على اطلاعه على عمليات سابقة شبيهة بهذه الفكرة، فإن هذا النوع من العمليات الدقيقة يحتاج إلى إعداد وتحضير مدته أشهر، بحيث يُدرس نوع أجهزة الاتصالات، وطريقة عملها، ومستخدميها، والثغرات المتعلقة بها.

ووفق قراءة وهبي، فإن الحزب يواجه صعوبة في التواصل بين عناصره وقادته في أعقاب الحدث، وأنه سيحتاج أسبوعاً أو أسبوعين لجلب أجهزة جديدة، واستعادة التواصل الداخلي.

إلى ذلك، أشار جنرالات إسرائيليون في أحاديثهم لمحطات الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلية، إلى أن الحدث قد يؤدي إلى اندلاع حرب شاملة، من منطلق أن إيران لن تسكت، وأنها قد تعطي الضوء الأخضر لـ”حزب الله” من أجل “الانتقام الكبير هذه المرة”.

كما نقل مراسلون اسرائيليون عن مصادر أمنية قولها أن الحدث سيتبعه حدث كبير، وأنه تمت دعوة ضباط وقادة الأمن إلى اجتماع طارئ في إسرائيل فور وقوع الحادثة، وأن يتحرر الجميع من انشغالاتهم، وأن يتوجهوا إلى الاجتماع عاجلاً. بينما حلقت بكثافة طائرات حربية إسرائيلية في سماء الشمال الفلسطيني، ما أثار ارتباكاً في صفوف السكان.

وعلق التلفزيون العبري الرسمي على ذلك بالقول، أن تحليق المقاتلات الحربية يندرج في سياق الاستعداد لحدث كبير.

ادهم مناصرة- المدن

مقالات ذات صلة