المولد النبوي: “الأحباش” والسلفيون يتضاربون في ساحة القدس بصيدا!
على الرغم من الطابع الفردي للإشكال الذي وقع عصر الأحد، بين شباب جمعية المشاريع (الأحباش) وشباب جمعية الاستجابة (السلفية) قرب ساحة القدس في وسط مدينة صيدا، والذي كاد يخرج عن السيطرة لولا مسارعة الشيخ ماهر حمود والجماعة الإسلامية لتطويقه، إلا أن ما حصل أعاد إلى الأذهان، الخلاف العقائدي القديم الجديد بين الأحباش من جهة والأخوان المسلمين والسلفيين من جهة ثانية، مع فارق أن هذا الخلاف الذي طفا على سطح المشهد الصيداوي أمس الأحد كان هذه المرة بين الأحباش والسلفيين، بينما لعبت الجماعة –وللمفارقة- دوراً في التهدئة .. ولهذا أسبابه!
“حواجز المحبة”!
اعتاد الأحباش في مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، كما في العديد من المناسبات الدينية على تنظيم “حواجز محبة”، يقومون خلالها بتوزيع الحلوى، وترفع فيها رايات جمعية المشاريع الصفراء، كما لافتات من وحي هذه المناسبة أو تلك.
وعصر الأحد، وبينما كان شباب المشاريع يقيمون “حاجز محبة” بمناسبة ذكرى المولد في ساحة القدس (قرب منزل الشيخ ماهر حمود، المحسوب سياسياً على حزب الله)، صودف مرور بعض الشبان المنتسبين لجمعية الاستجابة التابعة لإحدى المجموعات السلفية في المدينة، والتي بطبيعة الحال على نقيض عقائدي مع الأحباش (وتملك هذه الجمعية مقراً إسعافياً لها على مقربة من المكان)، فحصل تلاسن بين هؤلاء الشبان وشباب المشاريع، ما لبث أن تطور إلى اشكال وتضارب وتوتر شديد بين الطرفين.
تسارعت الاتصالات والمساعي على خط نزع فتيل التوتر، وقادها بشكل أساسي الشيخ ماهر حمود من جهة، ومن جهة ثانية الجماعة الإسلامية التي تربطها بالسلفيين و”الاستجابة” علاقات طيبة وانسجام عقائدي، وذلك على قاعدة أن الظروف الراهنة في ضوء استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة وجنوب لبنان، تفرض على الجميع الترفع فوق أية خلافات مهما كانت طبيعتها، و”توحيد الجهود في المعركة ضد العدو الإسرائيلي”. وهو ما عبر عنه بعض مسؤولي الجماعة فعلاً، بعد إشكال ساحة القدس وساهم في تنفيس الاحتقان.
انشغالات الجماعة
منذ التصادم المباشر بين الجماعة الإسلامية وجمعية والمشاريع (الأحباش) في صيدا في أيار من العام الماضي بعد دخول “الأحباش” بقوة إلى المدينة، وتمددهم وانتشارهم فيها، مستفيدين من غطاء حزب الله لهم، ومن إمكانيات مادية ضخمة ضُخّت في استقطاب مناصرين وتسليحهم، وحيازتهم مراكز ومقرات تم تحويل بعضها إلى مساجد، كما في مشاريع وأنشطة ذات طابع ثقافي أو ديني أو اجتماعي، حيث بلغ الاحتقان بين الطرفين حينها ذروته، واستدعى دخول حزب الله بقوة على خط التهدئة بينهما.. بقي الخلاف العقائدي بين الجماعة الإسلامية والأحباش هو الذي يحكم العلاقة بينهما من دون أن تسجل أية إشكالات تذكر، إلى أن انشغلت الجماعة بالانخراط في جبهة إسناد غزة عبر الحدود الجنوبية من خلال ذراعها العسكري “قوات الفجر”، ما جعل الجماعة تعيد ترتيب أولوياتها، حيث أصبح اهتمامها وتركيزها منصباً أكثر على جبهة الجنوب، من دون أن يعني ذلك غيابها عن متابعة القضايا السياسية والحياتية، وبطبيعة الحال الدينية، في المدينة.
انخراط الجماعة الإسلامية في الأعمال العسكرية ضد العدو الإسرائيلي عبر جبهة الإسناد الجنوبية، وتنسيقها المباشر مع حزب الله بهذا الخصوص، جعلها أكثر مرونة في التعاطي مع الحزب، فلم يعد من مصلحة الجماعة في هذه المرحلة التصادم مع الأحباش، لأنها تعتبر أن هناك قضية أسمى تتصدى لها.
انشغال الجماعة الإسلامية بجبهة الجنوب، أغرى الأحباش لمتابعة تمددهم وانتشارهم في المدينة، فأصبحت تغض النظر في مكان وتكتفي بتوجيه رسائل إلى من يغطون “المشاريع”، تنبه إلى خطورة هذا التمدد في مكان آخر..
لكن هذا الحضور المتزايد للأحباش في صيدا بقي سبباً كافياً لاستفزاز من يخالفونهم عقائدياً، وفي مقدمهم السلفيون. اختارت جمعية المشاريع ساحة القدس القريبة من منزل الشيخ ماهر حمود لضمان تمرير نشاطها، اعتقاداً منها أن هذا المكان لن يشكل استفزازاً لأحد، خصوصأً وأن للمشاريع مناصرين مقيمين أو يعملون في مؤسسات تقع في محيط المكان نفسه، لكن ذلك لم يمنع الاحتكاك والتصادم مع شباب “الاستجابة” (السلفيين)، بحكم وجود مقر لهذه الجمعية أيضاً على مقربة من مكان نشاط المشاريع، فحصل ما حصل!
المدن