تشغيل مطار القليعات لا يلقى آذاناً صاغية لدى «الثنائي الشيعي»… ويصطدم بموانع سياسية!
تقوم قوى المعارضة اللبنانية بحملة مركّزة على أكثر من صعيد، للضغط باتجاه تشغيل مطار القليعات الواقع شمال لبنان على بعد نحو 7 كلم من الحدود اللبنانية – السورية. ولطالما رفعت هذه القوى الصوت باتجاه تشغيل مطارات أخرى، في إطار اللامركزية الإدارية التي ينص عليها «اتفاق الطائف»، إلا أنها كثّفت العمل في هذا الاتجاه مؤخراً، في ظل المواجهات المستمرة بين «حزب الله» وإسرائيل، وما تحدث عنه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع من «مخاطر ومحاذير تحيط بمطار رفيق الحريري الدولي».
الملف على طاولة وزير الأشغال
وفي حين يُجمع نواب الشمال على وجوب إعادة تشغيل مطار القليعات، المعروف أيضاً باسم «مطار الرئيس الشهيد رينيه معوض»، تبنّى مؤخراً حزبا «القوات اللبنانية» و«الكتائب» هذا المطلب، وهما، إلى جانب نواب آخرين، بصدد توقيع اقتراح قانون معجل مكرر لتأهيل المطارات العسكرية في القليعات وحامات ورياق وتحويلها مطارات مختلطة للخدمات العسكرية والمدنية.
وعلى الرغم من خروج رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل، النائب سجيع عطية، مؤخراً ليؤكد «أن لا مشاكل لوجيستية وفنية تحول دون تشغيل مطار القليعات»، لافتاً إلى أن «الملف جاهز ومكتمل على طاولة وزير الأشغال، وأن الهواجس لدى الفريق السياسي الممانع تحول دون العمل على تنفيذه»، لم يصدر عن الوزير المعني أو عن «حزب الله» أو حركة «أمل» أي إشارات إيجابية تفيد بالموافقة على مطلب إعادة تشغيل مطار القليعات. ويتم سوق حجج لرفض تشغيل المطار كـ«غياب برج المراقبة، وعدم الموافقة السورية»، إضافة إلى إشكاليات قانونية.
خطة حكومية
واعتبر النائب في كتلة «التنمية والتحرير»، الدكتور فادي علامة، أن «موضوع فتح مطارات جديدة يفترض أن يكون في إطار خطة حكومية تحدد الفوائد وما إذا كان لدى الحكومة القدرة على إدارة هذه المطارات، على أن يحصل ذلك في ظروف مختلفة عن التي نعيشها اليوم، ومن خلال مشروع قانون يتم إرساله إلى مجلس النواب لمناقشته»، مستغرباً خروج البعض للمطالبة بفتح مطارات في ظروف كهذه يعيشها البلد والمنطقة.
وانتقد علامة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ربط المطالبة بفتح مطار جديد بالخشية من ضرب مطار بيروت، معتبراً أنه «إذا قررت إسرائيل توسعة الحرب وانتهجت النهج الإجرامي والتدميري الذي اعتمدته في غزة، فهي لا شك لن تضرب مطاراً وتترك آخر».
اللامركزية بوجه الدولة الأمنية
أما عضو تكتل نواب «القوات اللبنانية» النائب غياث يزبك، الذي يتابع الملف من كثب، فأكد أن «قرار إعادة فتح المطار مُتخَذ في الحكومة، ولا حاجة إلى قرار جديد، إنما يحتاج حصراً إلى فك أسره، خاصة وأن إعادة التشغيل تحتاج إلى مبلغ زهيد قدره 5 ملايين دولار، باعتبار أن المدارج موجودة، وكذلك صالات الاستقبال، ويحتاج فقط إلى تحديث التقنيات وبعض الترميم»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «في البدء كانت سوريا من تعارض تشغيل المطار، وقد تبنى بعد ذلك (حزب الله) الفيتو؛ رغبة منه في الإبقاء على مركزية القرار المالي التي يضع يده عليها، وكذلك لأن مطاراً آخر سيفقده عينه المفتوحة لمراقبة الداخلين والخارجين من البلد، باعتباره مسيطراً على كل المعابر البرية».
وشدد يزبك على أن «تشغيل أكثر من مطار في البلد حاجة أساسية، ويندرج في إطار تطبيق اتفاق الطائف الذي ينص بشكل واضح على اللامركزية التي تسهّل حياة اللبنانيين وتضع حداً للدولة الأمنية القائمة راهناً».
موانع سياسية
ولا تتطابق أرقام يزبك مع أرقام الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، الذي أشار إلى أن المرحلة الأولى من إعادة تشغيل مطار القليعات تتطلب 32 مليون دولار، متحدثاً عن «موانع سياسية تحول دون إعادة افتتاح المطار. فأولاً: أميركا تعارض هذا الطرح؛ لأن هذا المطار يخدم الساحل السوري أكثر منه لبنان، كما أن تشغيله يفترض حواراً مع سوريا، لأن الطائرات يفترض أن تدخل في المجال السوري قبل أن تهبط في المطار».
وأوضح شمس الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مطار القليعات أفضل فنياً من مطار بيروت، كما أن توسعته ممكنة وأسهل؛ لأن الأرض رخيصة ومتوافرة بخلاف مطار بيروت». وأضاف: «في السابق كانت هناك دراسات حول نقل مطار بيروت إلى القليعات والاستفادة من قيمة الأراضي التي تقدر ما بين 80 و100 مليار دولار، وتخفيف الازدحام حول بيروت، على أن يتم ربط مطار القليعات مع بيروت بخط للقطار وخط سريع للسيارات».
200 مليون دولار
وبحسب «الدولية للمعلومات»، فإن لجنة من وزارة الأشغال العامة والنقل قامت في عام 2012 بإعداد تقرير عن وضع مطار القليعات، خلُص إلى أن «المطار غير مؤهل لاستقبال حركة طيران مدني دولي، وأن عملية التأهيل تتطلب كلفة مالية تقدر بحدود 200 مليون دولار أميركي، تضاف إليها قيمة استملاكات الأراضي اللازمة للمشروع (نحو مليونَي مربع)». وأشارت إلى أن «الفترة اللازمة لإنجاز العمل هي 4 سنوات»، وأن «تشغيل المطار للشحن الجوي وإنشاء منطقة حرة قد تكون الفكرة الأكثر ملاءمة».
بولا اسطيح