سرطان الجلد… خطر الوفاة قد يبدأ في شامة
يعد سرطان الجلد من أكثر السرطانات شيوعاً، ويمكن الوقاية منه من خلال خطوات بسيطة، أما العلامات والتغييرات التي تنذر بالخطر فعلى الكل أن يعرفها.
غالباً ما تقلل العامة من أهمية سرطان الجلد مقارنة مع غيره من أنواع السرطان، على رغم ذلك هناك من بين أنواعه ما قد يكون عدوانياً للغاية ويسبب الوفاة بنسبة 99 في المئة، وبشكل خاص الميلانوما الذي يعتبر أخطر أنواع سرطان الجلد. ويعتبر سرطان الجلد أكثر السرطانات شيوعاً في العالم، ففي عام 2022 سجلت أكثر من 1.5 مليون حالة جديدة من سرطان الجلد. ومن أصل 330 ألف حالة جديدة من سرطان الجلد من نوع ميلانوما التي شخصت في ذلك العام، حدثت أكثر من 60 ألف حالة وفاة بسبب المرض بحسب الوكالة الدولية للأبحاث حول السرطان. وترتفع معدلات انتشار سرطان الجلد بشكل خاص في بلاد معينة، مثل أستراليا ونيوزيلندا. وفيما يهمل كثيرون خطوة اعتماد كريم الوقاية من الشمس، تعتبر في الواقع جوهرية للحد من خطر الإصابة بالمرض بين عموم الناس، وبشكل خاص بين أولئك الذين يعتبرون أكثر عرضة للخطر، أي من لهم بشرة فاتحة وعينين زرقاوين. ويبدو أن هذا الخطر يزيد اليوم في ظل انتشار ترند على “تيك توك” يدعو المستخدمين إلى التوقف عن استخدام كريم الوقاية من الشمس للحصول سريعاً على لون برونزي، ويحذر الأطباء البريطانيون من أخطار هذه الخطوة في زيادة احتمال الإصابة بسرطان الجلد.
اهتمام متدن والخطر كبير
بشكل عام لا تعطى لسرطان الجلد الأهمية ذاتها التي لبقية أنواع السرطان، وكأن خطورته لا تعتبر من الأولويات، لا على مستوى الأفراد فحسب، إنما أيضاً على مستوى الدول. إذ تتكثف حملات التوعية حول أخطار أنواع عدة من السرطان، ويبدو أن سرطان الجلد لا يحتل مواقع الأولوية على رغم خطورته الكبرى وانتشاره الواسع. حتى أنه بالنسبة إلى الأفراد، على رغم التشديد على أخطار التعرض لأشعة الشمس بشكل مفرط في زيادة احتمال الإصابة بسرطان الجلد، يبقى خطر الإصابة بالمرض مستبعداً طوال سنوات من الحياة يتعرضون فيها بنسبة زائدة لأشعة الشمس، خصوصاً إذا كانوا من عشاق اللون البرونزي. كما أن التغييرات التي تحصل في الجلد ويحذر منها الأطباء تهمل غالباً ولا تعطى الأهمية اللازمة، مما يؤدي إلى تطور المرض الذي يعتبر من السرطانات التي يمكن الوقاية منها في حال اتخاذ الإجراءات اللازمة.
في الواقع تتفاوت خطورة سرطان الجلد بالفعل بحسب أنواعه، فلا تعتبر أنواعه بالخطورة نفسها، وتميز رئيسة قسم الأمراض الجلدية في أحد المراكز الطبية البارزة في لبنان الدكتورة زينة طنوس بين أنواعه الثلاثة الأكثر شيوعاً، وهي:
– Basal Cell Carcinoma أو “سرطان الخلايا القاعدية” الذي يعتبر أكثر أنواع سرطان الجلد شيوعاً، وينمو في الطبقة الخارجية من الجلد. هو من السرطانات التي تنمو ببطء ويمكن أن يلحق الأضرار بالأنسجة المحيطة به، لكن نادراً ما ينتشر إلى أعضاء بعيدة أو يسبب الوفاة.
-Squamous Cell Carcinoma أو “سرطان الخلايا الحرشفية” الذي يتشكل في الخلايا الحرشفية في الطبقة الخارجية من الجلد، قد يكون أكثر قدرة على الانتشار بالمقارنة مع النوع الأول ويظهر غالباً بشكل كتلة صلبة متقشرة من الأعلى.
-الميلانوما صحيح أنه أقل شيوعاً إلا أنه في غاية الخطورة، ويمكن أن يؤدي إلى الوفاة، ففي حال عدم الكشف المبكر لحالة سرطان الجلد من نوع الميلانوما، غالباً ما تحصل الوفاة، علماً أن المرض يمكن أن يبدأ من شامة أو من أي تغيير آخر في الجلد.
علامات تنذر بالخطر
ووفق ما توضحه طنوس، يبدو أن الناس باتوا أكثر وعياً اليوم بالمقارنة مع سنوات مضت. وقد يكون السبب وراء ازدياد الوعي إلى أن سرطان الجلد يسبب تشوهاً ظاهراً. يضاف إلى ذلك أنه ثمة حرص من الأطباء على نشر الوعي حول هذا الموضوع، لأن التوعية من العناصر الأساسية لمواجهته، وفي سرطان الجلد تحديداً هناك معايير معينة يستند إليها طبياً للتوعية حول علامات في الجلد تنذر بخطر الإصابة بالمرض، وذلك استناداً إلى قاعدة A B C D:
A: للدلالة على الشكل الهندسي للشامة التي من المفترض أن تكون متجانسة من حيث الشكل، ولا بد من الحذر في حال ظهر اختلاف في بعض أجزائها.
B: للدلالة على حدود الشامة التي من المفترض أن تكون ناعمة دائماً، ويجب التنبه في حال بدا وكأنها غير محددة.
C: للدلالة على لون الشامة الذي يجب أن يكون متجانساً، فإما أن يكون باللون البني الفاتح أو أن يكون داكناً، ويجب ألا يكون للشامة لونين في الوقت نفسه.
D: للدلالة على قطر الشامة، فإذا كان حجمها موازياً لرأس القلم مثلاً، يجب التنبه ما إذا كان قطرها يزيد مع الوقت، أو إذا كانت صغيرة جداً وتبين أنها تكبر مع الوقت.
في مراقبة التغييرات الحاصلة في الشامات وفي الجلد، لا بد من الاستناد إلى هذه القاعدة لمراقبة أي تغيير يحصل واستشارة الطبيب مباشرة لاعتباره قادراً بخبرته على كشف أية مشكلة في الجلد أو التأكد من احتمال الإصابة بالسرطان، خصوصاً إذا كان يتتبع المريض ويراقب الشامات التي لديه بانتظام. كما يملك الطبيب آلة خاصة تسمح بالتدقيق في تفاصيل الشامات بوضوح بشكل يسمح بالكشف عن أي تغيير فيها، أما إذا لم يكن الطبيب متأكداً من التشخيص، فيلجأ حكماً إلى الخزعة التي قد تؤكد الإصابة أو تلغي هذا الاحتمال.
في تطور المرض
يعتبر سرطان الجلد من السرطانات التي قد تتطور سريعاً أو ببطء بحسب نوعه، فعلى سبيل المثال يتطور سرطان الخلايا القاعدية ببطء، فيما يعتبر سرطان الخلايا الحرشفية أكثر سرعة في النمو. أما الميلانوما فهو الأسرع نمواً بين الأنواع الثلاثة والأكثر عدوانية أيضاً، لأنه في حال دخلت الخلايا السرطانية إلى طبقات الجلد العميقة يمكن أن يحقق المرض انتشاراً في الجلد وينتقل إلى مواضع أخرى.
للوقاية من هذا المرض إجراءات أساسية تقضي بالحد من التعرض لأشعة الشمس واستخدام الكريم الواقي من الشمس، إضافة إلى أهمية مراقبة أي تغييرات في الشامات والجلد بانتظام، أما علاجه فيكون بحسب نوعه، إذا كان من النوعين الأول والثاني، تسمح الجراحة بتحقيق التعافي التام. وفي مثل هذه الحالة تشير طنوس إلى جراحة متطورة جديدة باتت الاختيار الأول للأطباء المتخصصين بها في حالات معينة. وتقول الطبيبة طنوس، “في هذه الجراحة التي نجريها وتعرف بـMOHS، نتوصل إلى شفاء تام، نزيل طبقة من الجلد تلو الأخرى، ويجرى الفحص اللازم لكل طبقة مباشرة من خلال خزعة بوجود فريق مختص للتأكد من عدم وجود خلايا سرطانية. وهي تجرى بالتخدير الموضعي وباتت الجراحة الفضلى في حالات سرطان الجلد خصوصاً عندما يكون المرض في الوجه، لأنها الأفضل من الناحية الجمالية، ويكون الشكل أجمل بالمقارنة مع الجراحة التقليدية. وفي هذه الجراحة، ما من حاجة إلى استئصال الجلد بمعدلات زائدة كونها في غاية الدقة، مما يسمح بالحفاظ على شكل أجمل استناداً إلى الفحص الآني، لذلك هي الحل الأفضل من ناحية الترميم. ويكون الاستمرار بالفحص وبإزالة طبقات من الجلد حتى التأكد من عدم وجود أية أنسجة تحتوي على خلايا سرطانية. أما في حال عدم إجراء هذه الجراحة، فتجرى تلك التقليدية”. وأضافت أنه “في حال انتشار المرض في الجسم، يجرى العلاج الكيماوي أو يمكن اللجوء إلى العلاج بالأشعة، إضافة إلى وجود العلاجات المتطورة التي تعطي نتائج إيجابية لافتة اليوم، خصوصاً في حالات الميلانوما، وهي تحدث فارقاً مهماً، وعندها يمكن الاعتماد على الأدوية بشكل دائم”.
وتابعت المتحدثت ذاتها قائلة “مما لا شك فيه أن التطور الحاصل في مجال علاجات السرطان طاول سرطان الجلد، مع تطور العلاجات الخاصة به، فهي في غاية الفاعلية في مواجهة أكثر أنواعه خطورة وعدوانية، أي الميلانوما، وبات من الممكن السيطرة على المرض والتعايش معه بجودة حياة عالية وبمعدل أقل من الوفيات”.
اندبندنت