“أجنة بلا رحم.. أولاد من غير ولادة…أطفال بلا مخاض!

“أجنة بلا رحم! أولاد من غير ولادة! أريد طفلاً ذكر بشعر أشقر وعينين زرقاوين، ولدينا في تاريخ العائلة هذا المرض الوراثي، نطلب تعديل الجينات لمنع انتقال المرض الى طفلنا…” كان هذا الكلام محض خيال علمي قبل عامين فقط، لكن مختبر “أوبتولايف” للأرحام الاصطناعية والتعديل الوراثي أصبح مع ثورة الذكاء الاصطناعي جدياً في دائرة اهتمام الدول، التي تعاني نقصاً مستمراً في عدد السكان.

هذا المشروع الذي اقترحه الباحث اليمني الأصل هاشم الغي، حمل من التفاصيل العلمية والشرح البصري، ما جعله مستوفياً للفت انتباه العلماء في العالم.، بخاصة أنه يستند الى أبحاث دولية بدأت منذ خمسينيات القرن العشرين، وبالطبع أثار هذا المشروع جدلاً اجتماعيا واخلاقيا ودينياً.

فالمختبر المقترح يضم 30 ألف حاضنة تحاكي بيئة رحم الأم. فتبدأ العملية بالتلقيح الاصطناعي من نطفة وبويضة الأبوين، ويتم زرعها في هذا الرحم لكي تبدأ عملية نمو الطفل، تحت مراقبة تقنية فائقة بأنظمة الذكاء الاصطناعي، عبر مستشعرات تتحسس السمات الجسدية والحيوية للجنين، ويتم عرض البيانات عبر شاشات مدمجة بشكل آني.

كما يمكن ارسال هذه البيانات مباشرةً الى الوالدين عبر تطبيق يمكنهم المتابعة اللحظية لنمو طفلهم. بل ان الحاضنة مجهزة للتواصل المبكر مع الطفل وتلقينه كلمات يألفها قبل ولادته، كما يمكن للأم أن تغني لطفلها ليعتاد صوتها قبل أن يراها.

ويمنح المختبر الأم سترة خاصة متصلة مع الرحم لتستشعر ركلات الجنين على بطنها، إضافة الى نظرات الواقع الافتراضي لمشاهدة الطفل داخل الرحم الاصطناعي، الذي يضم كاميرات بواقع 360 درجة.

أما البيئة والمواد المستخدمة فخالية من العدوى وتمنع التصاق الجراثيم، وكل مجموعة من الحاضنات موصولة بمفاعلين حياوين، يربطهما مع الأطفال حبل صري. فالأول يؤمن بديل السائل الأمينوسي في رحم الأم، وهو غني بالهرمونات الحيوية وعوامل النمو والمضادات، ويمد كل طفل بتغذية وفق احتياجاته الخاصة التي يقررها الذكاء الاصطناعي. أما المفاعل الآخر فهو للتخلص من الفضلات وإعادة تدويرها بطبقة من الأنزيمات الحساسة المعدلة هندسياً لتحويلها الى غذاء، ولا خوف من انقطاع الكهرباء، فالمختبر يعمل بالطاقة البديلة كلياً.

أما “باقة النخبة” التي يقترحها المشروع، فتتيح للوالدين تعديل أكثر من 300 جين لتغيير خصائص الطفل بتقنية كاسبر كاسناين، مثل لون البشرة والعينين والشعر والطول حتى مستوى الذكاء، والتخلص من الأمراض الوراثية بتعطيل الجينات.

وعند اكتمال النمو يتم تصريف السائل من الحاضنة، ويأخذ الوالدان الطفل ويخضعان لفحص جيني مجاني للتأكد من أن الطفل من صلبيهما.

أما المنتقدون للمشروع فكثر، فهم يرونه تدخلاً في طبيعة البشر وتحويل الانجاب الى سلعة تجارية، ويفتح باب التعديل الوراثي المحرم علمياً بحجة التخلص من الأمراض.

ولكن المؤيدين للفكرة يرونه حلاً مثالياً للذين يعانون من العقم، وللنساء اللواتي فقدن أرحامهن ويحلمن بطفل. ولا ضير في وضع ضوابط أخلاقية لعدم انزلاق المشروع الى ما لا يحمد عقباه، كيلا تبقى البشرية تحت آلام مخاض الذكاء الاصطناعي، الذي يحمل العالم بأسره الى مجهول ليس ببعيد.

امل سيف الدين- الديار

مقالات ذات صلة