هل القهوة مشروب «معجزة»: ماذا يقول الخبراء؟
أكد خبراء أن القهوة تتميز بفوائد صحية تفوق بكثير المخاطر المحتملة منها، تماماً مثل النظام الغذائي الشائع الذي يحد من تناول اللحوم الحمراء والدهون.
وقال الخبراء، لوكالة يونايتد برس إنترناشونال (يو بي آي)، إن المشروب الذي يشربه ملايين الأشخاص لبدء يومهم يمكن أن يساعد في تقليل خطر إصابة الشخص بأنواع معينة من الأمراض.
وأوضح ستيفن سيف، أستاذ الكيمياء الحيوية في جامعة تكساس الأميركية والباحث في مجال الوقاية من السرطان، أن «النظام الغذائي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط هو في المقام الأول نظام غذائي نباتي، والقهوة مشروب نباتي، وإذا قارنت فوائد القهوة مع فوائد هذا النظام الغذائي، فمن الصعب أن تجد الفرق بينهما».
ووجد سيف وزملاؤه في مراجعة للدراسات حول المشروبات أن استهلاك القهوة يمكن أن يساعد في تقليل خطر إصابة الشخص بأنواع معينة من السرطان، بالإضافة إلى مرض السكري من النوع الثاني، والخرف، وقال سيف: «القهوة تساعد الناس على العيش لفترة أطول».
وذكر: «أنا من أشد المؤيدين لها، وأشرب الكثير منها كل يوم»، ووصف سيف القهوة بأنها مشروب «معجزة»، مثلما «الأسبرين دواء معجزة».
وتابع: «خلافا للرأي السائد، فإن الغالبية العظمى من الأبحاث تشير إلى أن استهلاك القهوة يرتبط بعدد من الفوائد الصحية الرئيسية».
فعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أجريت عام 2019 أن استهلاك القهوة يقلل من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة 22%.
بالإضافة إلى ذلك، وجد أن الأشخاص الذين يستهلكون أكثر من 60 كوباً من القهوة شهرياً – أو أكثر من اثنين يومياً – يتعرضون لخطر أقل بنسبة 70٪ تقريباً للإصابة بسرطان الكبد، وسرطان القولون والثدي بنسبة 50٪ تقريباً وسرطان الغدة الدرقية بنسبة 30% تقريباً، وفقاً لدراسة أجريت عام 2021.
وعلاوة على الفوائد المحتملة ضد السرطان، مقارنة بمن لا يشربون القهوة، يقل خطر الإصابة بمرض باركنسون بنسبة تصل إلى 30%، وفقاً لدراسة نشرت في عام 2002.
وقال سيف إنه على الرغم من أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد سبب ذلك، فإن القهوة تحتوي على كثير من المكونات الكيميائية نفسها الموجودة في عناصر النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط، والتي وجد أيضاً أنها تقلل من خطر الإصابة بالسرطان.
لا يوجد ارتباط كبير بين استهلاك القهوة وأمراض القلب
وتبين أن النظام الغذائي الذي يتضمن القهوة يقلل من خطر الإصابة ببعض الأمراض العصبية، بما في ذلك الخرف، وفقاً لدراسة نشرتها العام الماضي الباحثة مارلين كورنيليس وزملاؤها.
وذكرت كورنيليس، الأستاذة المساعدة في الطب الوقائي في جامعة نورث وسترن، أنه على الرغم من أن أسباب ذلك غير واضحة، فإن الأبحاث تشير إلى أن الكافيين الموجود في القهوة له تأثير وقائي عصبي ويساعد الدماغ على إنتاج الخلايا العصبية الدوبامينية، أو خلايا الدماغ المشاركة في الحركة ووظائف أخرى.
وقالت إن كثيرا من العلاجات الحالية لمرض باركنسون، على سبيل المثال، مصممة لتعزيز إنتاج هذه الخلايا العصبية.
وأوضحت كورنيليس، التي كانت تبحث في الآثار الصحية للقهوة والكافيين لأكثر من 20 عاماً: «لسنوات عدّة، كان يُنظر إلى القهوة على أنها مشروب غير صحي، ولكن مع مرور الوقت، تدعم الأبحاث حقاً فوائد أكثر من الآثار الضارة وبالنظر إلى الخيارات الأخرى فيما يتعلق بالمشروبات، فمن المحتمل أن تكون القهوة واحدا من أفضل الخيارات».
واتفقت مع سيف على أن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لفهم سبب فائدة القهوة، لكنها اقترحت أن مادة البوليفينول الموجودة بشكل طبيعي في القهوة، مثل غيرها من المنتجات النباتية، لها على الأرجح تأثيرات مضادة للأكسدة يمكن أن تساعد في تقليل الالتهاب، وهو سبب شائع للأمراض.
وأضافت أن الكافيين يزيد أيضاً من عملية التمثيل الغذائي للدهون في الجسم، ما قد يزيد من الفوائد الصحية للمشروب، وتابعت بأن الكافيين لا يؤدي بالضرورة إلى تفاقم القلق أو زيادة خطر إصابة الشخص بأمراض القلب، بما في ذلك عدم انتظام ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم، وذلك على عكس صورة «الشخص الذي يعاني من التوتر ويشرب الكثير من القهوة».
ووجد تحليل بيانات 32 دراسة نُشرت في عام 2023 أنه «لا يوجد ارتباط كبير» بين استهلاك القهوة وأمراض القلب.
كما قال الدكتور دونالد دي هينسرود، المتخصص في الطب العام والأستاذ المشارك في الطب الوقائي والتغذية في كلية الطب في مايو كلينك: «يمكن أن تؤدي القهوة أيضاً إلى تحسين الحالة المزاجية وتقليل خطر الإصابة بالاكتئاب».
ومع ذلك، فإن شرب الكثير من القهوة يمكن أن يؤدي إلى خفقان القلب والأرق، أو صعوبة في النوم، إلى تفاقم الأعراض مثل الإفراط في التبول، خاصة عند الرجال الأكبر سناً الذين يعانون من تضخم غدد البروستاتا، وفقاً لهينسرود.
وقال إن بعض شاربي القهوة قد يعانون من ارتجاع حمض المعدة أو حرقة المعدة، وقد يقلل المشروب أيضاً من قدرة الجسم على امتصاص المعادن الرئيسية مثل الكالسيوم والحديد، وهي مهمة لصحة العظام.
ولفت إلى أن خطر الإجهاض يزداد بين النساء اللاتي يشربن أكثر من كوبين في اليوم وقال: «أقسم آثار القهوة إلى آثار صحية وآثار جانبية، وآثارها الصحية كبيرة حقا، في حين أن آثارها الجانبية بسيطة نسبيا باستثناء المرأة الحامل».
وفي الواقع، فإن الحد المسموح به وهو كوبان يومياً ينطبق فقط على النساء الحوامل أو اللاتي يحاولن الحمل بحسب هينسرود الذي قال إنه بخلاف ذلك، لا توجد قاعدة صارمة وسريعة بشأن كمية القهوة التي يجب شربها لتحقيق أقصى قدر من هذه الفوائد الصحية.
ومع ذلك، قال إن الطريقة التي يتعامل بها الشخص مع الأمر مهمة. وبعبارة أخرى، كلما قلت كمية الحليب والقشدة والسكر وغيرها من الإضافات، كان ذلك أفضل.
الشرق الاوسط