دواء الأسبيرين.. أحدث الإرشادات لتناوله

يواصل بعض كبار السن في الولايات المتحدة تناول الأسبرين يوميًا، على أمل الحد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، رغم أن هذه الممارسة موصى بها فقط لبعض المرضى المعرّضين لمخاطر عالية، كما أن تناولها من دون توصية الطبيب قد يترتّب عليه مخاطر كبيرة.

تؤثر أمراض القلب والأوعية الدموية على القلب والأوعية الدموية، وقد تؤدي إلى الإصابة بالنوبات القلبية أو السكتات الدماغية أحيانًا. تحدث غالبية النوبات القلبية والسكتات الدماغية عندما يؤدي انسداد الشرايين، الناجم عن تراكم اللويحات، إلى منع الدم من الوصول إلى عضلة القلب أو الدماغ.. لكن هنا يأتي دور الأسبرين.

يساعد الأسبرين على تمييع الدم، ما يمنع تكوّن جلطات الدم. لذلك، يوصى منذ فترة طويلة بتناول جرعة منخفضة من الأسبرين يوميًا، لتقليل المخاطر، رغم أن الأسبرين يسيل الدم، ويترافق مع خطر النزيف المفرط.

في السنوات الأخيرة، أدركت المجتمعات الطبية والعلمية أن خطر الأسبرين قد يفوق فوائده بالنسبة للعديد من المرضى، لا سيما كبار السن والبالغين الذين يتناولون بالفعل الستاتينات أو أدوية أخرى.

قامت الكلية الأمريكية لأمراض القلب وجمعية القلب الأمريكية بتحديث إرشاداتها في عام 2019 لتشير إلى أنه “يجب استخدام الأسبرين على نحو غير منتظم في الوقاية الأولية الروتينية” من أمراض القلب والأوعية الدموية الناجمة عن تصلب الشرايين، لانتفاء الفائدة.

تشير الوقاية الأولية إلى المرضى الذين ليس لديهم تاريخ من أمراض القلب والأوعية الدموية، أو النوبات القلبية، أو السكتة الدماغية، ويتناولون الأسبرين لمنع الحالة الأولى.

وجاءت التوصيات النهائية الصادرة عام 2022، لفريق عمل الخدمات الوقائية الأمريكية بشأن استخدام الأسبرين، بعد سنوات من التوصية بالأسبرين للوقاية من النوبات القلبية والسكتات الدماغية.

وأوصت هذه المجموعة الآن بعدم بدء من يبلغون 60 عامًا وما فوق بتناول جرعة منخفضة من الأسبرين للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية، لافتة إلى أنه من المستحسن أن يتخذ البالغون الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و59 عامًا والذين لديهم خطر بنسبة 10% أو أكثر للإصابة بالمرض في العقد القادم، قرارات فردية بشأن ما إذا كانوا سيبدأون في تناول جرعة منخفضة من الأسبرين بانتظام.

مع ذلك، يقول العديد من الأطباء إنه رغم المخاطر، فإنّ بعض مرضاهم يواصلون اتباع الإرشادات القديمة ويتناولون جرعة منخفضة من الأسبرين يوميًا عندما لا ينصح بها.

أشارت أحدث الأبحاث حول مدى انتشار استخدام الأسبرين للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية إلى أنه في عام 2021، كان نحو ثلث البالغين الذين تبلغ أعمارهم 60 عامًا وما فوق ويعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية يستخدمون الأسبرين.

تتضمن الدراسة، التي نُشرت يوم الاثنين في مجلة Annals of Internal Medicine، بيانات أكثر من 180 ألف شخص من استطلاع المقابلات الصحية الوطنية الذي أجرته المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها.

وجد تحليل للبيانات أنّ حوالي 19٪ من البالغين الذين شملهم الاستطلاع والذين تبلغ أعمارهم 40 عامًا وما فوق، أفادوا بتناول الأسبرين للوقاية الأولية من المرض. وبين من تبلغ أعمارهم 60 عامًا وما فوق، أبلغ قرابة 30% عن تناول الأسبرين للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية، وأفاد حوالي 5% من جميع من تبلغ أعمارهم 60 عامًا أنهم يستخدمون الأسبرين من دون استشارة طبية.

وقال الدكتور موهاك غوبتا، الطبيب المقيم في عيادة “كليفلاند كلينيك” والمؤلف الرئيسي للدراسة: “لقد فوجئت إلى حد ما بحجم الاستخدام المستمر للأسبرين لدى كبار السن”.

وأوضحت الدراسة أنّ ملايين البالغين في الولايات المتحدة الذين لم يسبق لهم الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ما زالوا يتناولون الأسبرين يوميًا، رغم التوصيات بعدم القيام بذلك.

وجدت دراسة منفصلة أجراها باحثون في جامعة ميشيغان العام الماضي أن حوالي 1 من كل 4 أشخاص بالغين شملهم الاستطلاع، وتتراوح أعمارهم بين 50 و80 عامًا، أفادوا بتناول الأسبرين بانتظام، لحوالي ثلاثة أيام أو أكثر في الأسبوع النموذجي، وقد شوهد ذلك بين الرجال أكثر من النساء.

وبين أولئك الذين يتناولون الأسبرين بانتظام، أفاد 89% أنهم يتناولون جرعة منخفضة من الأسبرين، وفقًا للمسح، بينما أشار 11% إلى أنهم يتناولون الأسبرين بقوة منتظمة، ما يجعل خطر تعرضهم للنزيف المفرط أعلى.

وأفاد حوالي نصف عدد كبار السن الذين يتناولون الأسبرين بانتظام أنهم بدأوا بتناوله منذ أكثر من خمس سنوات؛ وقال حوالي 19% إنهم بدأوا قبل أربع إلى خمس سنوات، وبدأ 30% خلال السنوات الثلاث الماضية. تم إجراء الاستطلاع الوطني حول الشيخوخة الصحية هذا، عبر الإنترنت وعبر الهاتف في يوليو/ تموز وأغسطس/ آب 2023، وشمل أكثر من 2600 بالغ.

“هذه هي طبيعة العلم”
نظرًا لأن الأسبرين كان يُنظر إليه تاريخيًا على أنه أداة وقائية لأمراض القلب والأوعية الدموية، فقد كان من الصعب تغيير بعض وجهات النظر والسلوكيات المجتمعية بين كبار السن.

وقال غوبتا: “لقد تمت التوصية بالأسبرين للوقاية من أول نوبة قلبية أو سكتة دماغية منذ أواخر التسعينيات. ونتيجة لذلك، ظل استخدام الأسبرين للوقاية الأولية من أمراض القلب والأوعية الدموية منتشرا بشكل كبير، لا سيما بين كبار السن الذين هم أكثر عرضة لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية”.

وأوضح طبيب القلب الدكتور دونالد لويد جونز، وهو الرئيس السابق لجمعية القلب الأمريكية ورئيس قسم طب القلب وقسم الطب الوقائي في جامعة نورث وسترن، أن الدراسات المبكرة حول استخدام الأسبرين، التي يعود تاريخها إلى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، أظهرت أن هناك فائدة من تناول الأسبرين للوقاية الأولية من أمراض القلب والأوعية الدموية.

وأضاف: “فكر مجددا في ما كان يحدث في تلك الأوقات. لم نوص بالستاتينات للعديد من المرضى في الواقع. لم نكن نقوم بعمل جيد في السيطرة على ضغط الدم”، موضحًا: “الأسبرين، باعتباره شبكة الأمان النهائية للوقاية من نوبة قلبية أو سكتة دماغية، لأنه يمنع تكوين جلطات الدم، كان له رواجًا كبيرًا”.

وقال لويد جونز إنه من خلال دراسة الأسبرين عن كثب، وبدء المزيد من المرضى المعرضين لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في تناول الستاتينات للمساعدة في السيطرة على مستويات الكوليسترول لديهم، أصبح من الواضح أن مخاطر استخدام الأسبرين تفوق فوائده لبعض المرضى.

وأضاف أنه لا تزال هناك مجموعات فرعية من الأشخاص لا تزال فوائد الأسبرين لديهم تفوق مخاطره، ولا ينبغي تجاهل الإرشادات الخاصة بهم أيضًا.

وعلّق لويد جونز، غير المشارك في الدراسة قائلًا إنّ “هذه هي طبيعة العلم. نحن نقدم هذه التوصيات العامة للسكان، ولكن أثناء دراستنا للأفراد، نجد أنه لا تزال هناك حالات حيث فائدة الأسبرين، أي احتمال أننا سنمنع نوبة قلبية أو سكتة دماغية، يفوق المخاطر المتمثلة بأن” تناول الأسبرين قد يؤدي إلى نزيف كبير”.

وأشار إلى أنه “من المهم حقًا أن نكون واضحين ودقيقين للغاية بشأن ضرورة تناول الأسبرين للأشخاص الذين أصيبوا بنوبة قلبية أو سكتة دماغية”.

وتتمثل التوصية الحالية لجمعية القلب الأمريكية بأنه لا ينبغي لأحد أن يتناول جرعة منخفضة من الأسبرين يوميًا من دون الرجوع إلى طبيبه أولاً، خصوصًا إذا كان لديه حساسية على الأسبرين، أو معرضًا لخطر الإصابة بنزيف معدي معوي، أو سكتة دماغية نزفية، أو يشرب الكحول بانتظام، أو يخضع لأي علاج بسيط. أو علاج الأسنان، أو يفوق عمره الـ70 عامًا.

بالنسبة للأشخاص الذين أصيبوا بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، قد يطلب منهم مقدمو الرعاية الصحية تناول الأسبرين للمساعدة على منع تكرار أمر مماثل.

لكن، لا يزال من غير الواضح متى يجب على الأشخاص تناول جرعة منخفضة من الأسبرين يوميًا للحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية.

وخلص غوبتا إلى أنه “بينما توصي الإرشادات بعدم بدء الأسبرين الوقائي لدى كبار السن، إلا أن هناك عدم يقين بشأن العمر الأمثل لوقف الأسبرين الوقائي لدى أولئك الذين يتناولونه بالفعل، لأن هذين السيناريوهين لهما اعتبارات مختلفة لجهة المخاطر والفوائد”.

CNN

مقالات ذات صلة