هل ستُكشف أسباب قتل سليمان أم تبقى مجهولة… وهل يقول القضاء كلمته؟
أثارت جريمة قتل المسؤول في “القوات اللبنانية” باسكال سليمان الرأي العام اللبناني، وخصوصاً أن معظم أفراد العصابة من السوريين، لذلك إتخذت منذ اللحظة الأولى أبعاداً سياسية تتعلق بالفوضى الأمنية السائدة في البلد نتيجة تزايد عدد اللاجئين السوريين والمعابر غير الشرعية على الحدود اللبنانية-السورية التي تنشط فيها العصابات المنوّعة سواء للسرقة أو التهريب أو حتى نقل السلاح غير الشرعي.
لا شك في أن هذه المقاربة دقيقة، ورافقت وجدان اللبنانيين منذ اللحظات الأولى لإرتكاب الجريمة سواء كان دافعها السرقة أو السياسة بمعنى رسالة إلى “القوات”. وبعد بلبلة سادت لأيام معدودة، إحتكمت كل القوى السياسية، ومن ضمنها “القوات” الحزب الأساسي المعني بالجريمة، إلى مؤسسات الدولة وتحديداً الأجهزة الأمنية المعنية، والقضاء.
وآخر ما صدر عن مخابرات الجيش في ما يخص التحقيق اعتبر أن سليمان تعرّض للخطف والقتل على يد عصابة أفرادها من التابعية السورية أثناء محاولتها سرقة سيارته في منطقة جبيل، وأنها نقلت جثته إلى سوريا، قبل أن يتسلّمها الجيش من السلطات السورية.
من جهته، ختم النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، التحقيق الأولي الذي أجرته مخابرات الجيش، وتسلّم الملف وأحاله على النيابة العامة في جبل لبنان للادعاء على المتورطين ومحاكمتهم. وقد بدأ قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان القاضي نقولا منصور في منتصف أيار عمله وأصدر مذكرات وجاهية ضدّ قتلة سليمان، بجرم الخطف والقتل والسرقة وتأليف عصابة والمسّ بالأمن القومي. وعندما سيتوسّع بالاجراءات لا بد من أن يتّضح ما إذا كان ثمة خلفية سياسية للجريمة.
لكن ما يثير الريبة أن مسؤولين لبنانيين أساسيين في العصابة هما زكريا قاسم وأحمد نون لم يسلّمهما النظام السوري إلى لبنان، ما يطرح علامات استفهام عديدة.
ويؤكد الصحافي المتخصص في الشؤون القضائية يوسف دياب أن “القول ان الأجهزة الأمنية وضعت الجريمة في خانة السرقة ليس دقيقاً، لأنها ليست الجهة المخوّلة تحديد طبيعة الجريمة، إنما البحث عن عناصرها أي أفراد العصابة وتوقيفهم وتسليمهم إلى القضاء، ويعمل قاضي التحقيق على تحديد خلفيّتها ما إذا كانت سياسية أو جنائية”.
ويذهب دياب أبعد من ذلك فيلفت إلى وجوب “أن يجيب القضاء عن بعض الأسئلة المحقة قبل الحكم بأنها جنائية: أولاً، عادة عندما تكون الجريمة بدوافع سرقة سيارة تستهدف العصابات السيارات المركونة، وحتى لو افترضنا أن العصابة التي تريد اعتراض سليمان وسرقة سيارته على الطريق كما حصل، كان بإمكانها أن تقوم بعملية سطو وتسرق السيارة وتترك سليمان على الطريق، أما ما حصل فكان عملية مراقبة ومطاردة والعصابة كانت تتبعه. ثانياً، من يفهم بأنواع السيارات، يعرف أن سيارة الجناة التي اعترضت سليمان أهم من سيارته وسعرها أغلى، مع ذلك تركوا سيارتهم وأخذوا سيارة الضحية! ثالثاً، لقد خطفوه بحجة سرقة السيارة ثم قتلوه، لماذا نقلوه إلى سوريا؟ لقد جازفوا بالعبور على حواجز للجيش، ألا يعني ذلك أن هناك دوافع سياسية؟”.
ويشير دياب إلى أن “كل هذه الأمور لم تُحسم بعد، والمرجع الوحيد الذي سيحسمها هو التحقيق القضائي، ولا يزال باكراً أن يقول كلمته، ومن المتوقع أنه عندما يُصدر القاضي نقولا منصور القرار الظني سيجيب عن هذه التساؤلات، وعندها سنعرف الخلفيات والدوافع”.
قد لا يتأخر القرار الظني، لكن دياب يرى أن “المتهمين نون وقاسم الهاربان إلى سوريا واللذان جنّدا السوريين لم يسلّمهما النظام السوري، وهذا ما يدفعنا إلى الظنّ بأن هناك حماية سياسية لهما، وإلا لماذا ابقاؤهما في سوريا؟ وبالتالي لا يمكن استبعاد العامل السياسي قبل أن يقول قاضي التحقيق كلمته”.
في المقابل، يُثني دياب على موقف “القوات اللبنانية” التي تصرّفت وفق الأصول، ويعتبر أنه “إذا عجز القضاء عن أن يصل إلى نتيجة، فيحق للقوات أن تتكلّم عن مخاوفها وهواجسها، وخصوصاً أن سليمان ليس الشهيد الأول لها إنما سبقه منذ فترة الياس الحصروني في عين ابل”.
ليس مستبعداً أن نصل إلى حقيقة ما حصل وخلفياته إذا كانت الجريمة جنائية فعلاً أي بدافع السرقة، وفق دياب، “لكن إذا تبيّن أنها تتضمن خيوطاً سياسية فقد تصل إلى حلقة معيّنة وتتوقّف، لذلك نأمل أن يتجاوز القضاء كل الاعتبارات ويقول كلمته، لأن جريمة قتل سليمان كانت صادمة، فإذا كان مسؤولاً بحزب معيّن ليس قادراً على حماية نفسه في منطقته، وقد واجه هذا السيناريو المشؤوم، بات كل مواطن يخاف على نفسه في لبنان، بالأمس قُتِلَ باسكال سليمان، وغداً قد يُقتل شخص آخر، للأسف لبنان مكشوف أمنياً”.
جورج حايك-لبنان الكبير